رجح «صندوق النقد الدولي» أمس تسارع نمو القطاعات غير النفطية في دول مجلس التعاون الخليجي هذه السنة، «مع تراجع وتيرة الضبط المالي» واتخاذ إجراءات فرض ضريبة القيمة المضافة التي من شأنها دعم اقتصادات المنطقة، فضلاً عن الإصلاحات التي طبقتها دول خليجية، على رأسها قطر والسعودية وسلطنة عمان، على أسعار الطاقة وخفض الإنفاق. وتوقّع الصندوق في تقرير صدر تحت عنوان «آفاق الاقتصاد الإقليمي»، أن يشهد النمو الكلي في دول مجلس التعاون الخليجي تراجعاً هذه السنة، من 2 في المئة إلى 0.9، على أن يتسارع مجدداً إلى 2.5 في المئة عام 2018. وفي المقابل، توقع الصندوق زيادة النمو غير النفطي في دول الخليج من 2 في المئة في 2016 إلى 3 في المئة هذه السنة. وفي المقابل، ينتظر الصندوق تحسناً في اقتصادات الدول العربية المستوردة للنفط، إذ رجّح أن يرتفع معدل النمو في هذه الدول من 3.7 في المئة في عام 2016 إلى 4 في المئة خلال العام الحالي، ونحو 4.4 في المئة عام 2018، «استناداً إلى الإصلاحات السابقة وتحسن الثقة وزيادة الطلب الخارجي»، لكنه أشار إلى أن البطالة لا تزال مرتفعة في هذا الجزء من المنطقة. وتوقع أن تظل الصراعات وضغوط اللاجئين تلقي بظلالها على الآفاق الإقليمية. ورجح المدير الإقليمي لصندوق النقد الدولي جهاد أزعور في تصريحات إلى «الحياة»، أن يتراوح سعر برميل النفط خلال السنوات الثلاث المقبلة بين 50 و55 دولاراً، مؤكداً أن «آفاق الاقتصاد العالمي ستنعكس على اقتصادات المنطقة من خلال تأثيرها على أسعار السلع الأولية والطلب على الصادرات وتدفقات التحويلات وأسعار الصرف والأوضاع المالية». ولفت إلى أن دول الخليج تتحمل العبء الأكبر في تفاهم خفض إنتاج النفط الذي توصلت إليه «منظمة البلدان المصدرة للنفط» (أوبك) وبعض كبار المنتجين خارجها، وينص على خفض الإنتاج العالمي للخام بواقع 1.8 مليون برميل يومياً لمدة ستة أشهر اعتباراً من الأول من كانون الثاني (يناير). وأشار إلى أن الاقتصاد العالمي يكتسب زخماً، إذ يتوقع أن يصل إلى 3.5 في المئة هذه السنة، و3.6 في المئة في 2018، بتحسن مستمر عن معدل النمو في 2016 البالغ 3.1 في المئة. وتوقع الصندوق أن يسجّل ميزان التعاملات التجارية في دول مجلس التعاون فائضاً يصل إلى 1.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذه السنة، في مقابل عجز بلغ 2 في المئة خلال عام 2016، ورجح أن يصل الفائض إلى 2.1 في المئة في عام 2018، وأن يتسارع النمو الكلي في القطاع غير النفطي هذا العام مع تراجع وتيرة الضبط المالي، مشيراً في تقديراته إلى زيادة النمو غير النفطي في دول الخليج إلى ثلاثة في المئة هذه السنة من 1.9 في المئة في 2016، على أن يتباطأ مجدداً إلى 2.7 في المئة العام المقبل. وأشار الصندوق إلى أن «النمو غير النفطي سيظل مقيّداً نتيجة مواصلة التقشف المالي في البلدان التي تستلزم إجراء تصحيحات كبيرة، على رغم أن النمو الكلّي في بلدان مجلس التعاون الخليجي سيكون مدعوماً بالتعافي المتوقع في الإنتاج النفطي على المدى المتوسط». وتبنى الصندوق نظرة حذرة إزاء اتفاق «أوبك» وتأثيره على آفاق سوق النفط، نظراً إلى أن الأسعار لا تزال متقلبة، مشيراً إلى ضرورة استمرار مزيد من الإصلاحات في أسعار الطاقة وكذلك تطبيق ضريبة القيمة المضافة، لافتاً إلى أن هذا التصحيح «مطلب ضروري لاستمرارية أوضاع المالية العامة على المدى الطويل على رغم الجهود التي بُذلت بالفعل». وفي هذا السياق، قال أزعور وزير المال اللبناني سابقاً، إن وتيرة التصحيح يجب أن تتواءم مع ظروف كل بلد على حدة، مضيفاً أن «البلدان ذات الاحتياطات المالية الكبيرة مثل الكويتوقطر والإمارات العربية المتحدة، يمكنها تصحيح أوضاعها بشكل تدريجي أكبر للحد من الآثار السلبية على النشاط غير النفطي، أما البلدان ذات الاحتياطات الأصغر فسيكون عليها التحرك بخطى أسرع».