ماذا عن السيناريو المنتظر في مجلس الوزراء بعد غد الخميس وعلى رأس جدول أعماله قانون الانتخاب؟ وهل من اجتماعات بين الفرقاء تمهيداً للجلسة؟ نقل زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري عنه قوله إنه من المؤكد أن اجتماعات عديدة ستعقد. لكن الأهم أن تعقد في نطاق الحكومة. ويجب على رئيس الحكومة سعد الحريري أن يتحمل مسؤولياته في هذا الإطار. وعلى كل حال لا تصويت في مجلس الوزراء. قانون الانتخاب يتم بالتوافق. ويقول بري لزواره في حضور «الحياة»: «أنا قدمت أفكاري (حول مشروع قانون انتخاب مجلس نيابي على النسبية الكاملة مع الحفاظ على التمثيل الطائفي والمناصفة بالتزامن مع انتخاب مجلس للشيوخ على الأكثري باقتراع كل مذهب للنواب الذين يمثلونه) وأبلغتهم أني لن أزيد عليها ولن أنقص وليأخذوا بها كلها أو يتركوها. وأنا أنتظر أن يحيل مجلس الوزراء مشروع قانون الانتخاب الجديد إلى البرلمان وجلسة 15 أيار (مايو) لا تزال قائمة». وأوضح بري أن مشروعه لمجلس الشيوخ يتضمن 64 عضوا أي نصف عدد أعضاء مجلس النواب، على أن يكونوا مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وأن صلاحياته تشمل القضايا المصيرية والتي تهم الطوائف. وبسؤاله إذا كان درس الموازنة وإقرار من ضمنها، قال: «فشر. الموازنة هي الدولة. هل يعقل أن نتخلى عن هذه الصلاحية؟»، وحين قيل له إن المشكلة في رئاسة مجلس الشيوخ أجاب: «يا جماعة طرحت المشروع من دون أن أطرح رئاسة مجلس الشيوخ لمن، مع أن الجميع يعرف أنها للدروز، لكن هو (رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل) الذي طالب بأن تكون رئاسته للمسيحيين. والمعروف أن رئاسته للدروز على رغم معرفتي أن النائب وليد جنبلاط لا يطرح موضوع مجلس الشيوخ حتى لا يدخل في سجال في شأنه. وأنا بحكم المونة طرحت الأمر مع إدراكي المسبق أن جنبلاط حين يرى أن الأمر أصبح مطروحاً سيصر حكماً على أن تكون رئاسته للدروز». وروى بري نقلاً عن النائب في كتلته إنور الخليل أنه جاءه ليبلغه أن النائب الراحل توفيق عساف (النائب الدرزي الوحيد الذي حضر مؤتمر البرلمانيين في الطائف عام 1989) أكد له أن المداولات في حينه في الطائف شددت على أن رئاسة مجلس الشيوخ ستؤول إلى الدروز. الرئاسات في المؤسسات الدستورية وأكد بري رداً على سؤال حول ما تردد عن اقتراح باسيل إعطاء الدروز منصب نائب رئيس البرلمان بدل رئاسة مجلس الشيوخ أنه رد على هذا الاقتراح بأنه ليس مستعداً للدخول في مشكلة مع الأرثوذكس. وحول مطالبة «التيار الحر» بالمناصفة في الرئاسات أجاب: «صحيح الرئاسات ثلاث واحدة للموارنة واثنتان للمسلمين لكن المؤسسات الدستورية تشمل المجلس الدستوري والمجلس الاقتصادي الاجتماعي اللذين تعود رئاستهما للمسيحيين. وهذا يعني أن من بين 5 رئاسات هناك ثلاث للمسيحيين واثنتان للمسلمين، هذا إذا استثنينا حاكمية مصرف لبنان ورئاسة مجلس القضاء الأعلى وقيادة الجيش». وأشار إلى أنه اقترح أن تكون رئاسة مجلس الشيوخ للدروز في أول دورة ثم في اللاحقة تتم المبادلة مثلا مع رئاسة المجلس الدستوري بحيث يصبح رئيسه درزياً. «وقلت لهم يجب أن تعطوا شيئاً مقابل ما تأخذون. وهذه فكرة طرحتها على رغم أني لم أنسّق في شأنها مع وليد جنبلاط الذي لم يثر الأمر معي. كان هدفي المراهنة على إمكان تدوير الزوايا، لكنهم رفضوا. وعلى كل حال السؤال هو هل يقبل الدروز بالأمر حتى لو قبل جنبلاط التخلي عن مجلس الشيوخ؟ أشك في ذلك ولذلك تداعيات». وأضاف: «هو يقول إنه طرح 20 مشروعاً لقانون الانتخاب. والحقيقة أن كل المشاريع التي يقول إنه اقترحها، أنا الذي سبق أن طرحتها. التأهيلي أنا أول من طرحه، والمختلط أنا الذي اقترحته. وحتى المختلط المختلف عن مشروعي طرحه «المستقبل» و «حزب القوات» و «الحزب التقدمي الاشتراكي»، ومشروع المجلسين أيضاً أنا أول من تحدث عنه و «حزب الله» اقترح مشاريع عدة وكان مشروع النسبية الذي قلنا به يأتي ب50 إلى 52 نائباً مسيحياً بأصوات المسيحيين. هم أخذوا كل مشروع وعدلوه وشوهوه. أنا الذي أعمل لمصلحة المسيحيين من ضمن السعي إلى مصلحة اللبنانيين جميعاً لتحسين التمثيل. لكن غيري يعمل من أجل مصلحة بعض المسيحيين وليس جميعهم». التأهيلي ومسيحيو الأطراف ويقر بري بأنه طرح فكرة النظام التأهيلي لاختيار مرشحين من طوائفهم ليتنافسوا على النظام النسبي في دوائر موسعة، لكن على أن يتأهل من يحصل على 10 في المئة من الأصوات، لأن المقياس هو أن يحصلوا على الحد الأدنى من أصوات طوائفهم، بينما هم أصروا على أن يكون التنافس بين إثنين فقط، وهذا إلغاء لحق من يتمكنون من إقناع طوائفهم بحيث يستطيع الناخب الاختيار من بينهم في المرحلة اللاحقة. ويشير إلى أنه أصر على هذا المقياس في التأهيل لأن من يحصل على أقل من ال10 في المئة، والقانون يقول إنه لا يستطيع استعادة مبلغ التأمين الذي يدفعه إذا حصل على أقل من هذه النسبة، لن يستطيع أن يتأهل للمنافسة التي ستحصل على مستوى المحافظة. ويعيد إثارة ثغرة عدم قدرة ناخبين من بعض الطوائف على الاقتراع في المرحلة لتأهيلية، حيث أقضيتهم لا تتضمن مقاعد لمرشحين من هذه الطوائف. ويسأل بري: «هل يجوز أن نرسل أبناء كل الطوائف إلى الموت كما هي الحال بالنسبة إلى العسكريين حين يكلفون مهمات يستشهدون من أجلها، ونحرم بعض الطوائف من الانتخاب؟». ولا يخفي رئيس المجلس النيابي انتقاداته «للطروحات الطائفية» ل «التيار الحر» قائلاً: «يقول (باسيل) أين كانوا من الغيرة على مسيحيي المناطق خلال العقود الماضية. ألا يعرف حرصنا عليهم في الجنوب وغيره؟ نحن الذين عملنا على تثبيتهم في أرضهم وهم الذين أهملوهم وأهملوا سائر الأطراف اللبنانية من الجنوب إلى عكار والبقاع، في العقود الماضية. ألا يعلمون كيف أن أبناء هؤلاء كانوا يراجعون دروسهم على ضوء أعمدة الكهرباء على طريق المطار لفقدانهم الكهرباء في قراهم؟». ويسترسل بري في الحديث عن سعيه إلى إلغاء الطائفية السياسية، رداً على سؤال عن سبب إعطاء الموارنة 36 نائباً، مقابل حصول كل من السنة والشيعة على 27 نائباً، فيروي كيف أنه اقترح منتصف الثمانينات، على المسؤولين السوريين حين كانوا يرعون مشروع الاتفاق الثلاثي بين حركة «أمل» و «القوات اللبنانية» (برئاسة الراحل إيلي حبيقة) و «الحزب التقدمي الاشتراكي»، اعتماد المثالثة بين الطوائف الثلاث الكبرى ضمن المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، إذ يعطى المسيحيون الآخرون حجماً تمثيلياً أكبر. ولم تجاره القيادة السورية في ذلك إلا بعد أن أبلغها بأن وجود طائفة مهيمنة تحتفظ بامتيازات على الآخرين، لن يؤدي إلى إقناعها بإلغاء الطائفية السياسية في البلد إلا بتقليص هذه الهيمنة في الإطار الطائفي، لتشعر بأن الحل هو بالتخلي التدريجي عن النظام الطائفي. لكن الاتفاق سقط لاحقاً. ويعتبر بري أن الاستقبال الذي لقيه البطريرك الماروني في صور الأحد من كل الطوائف دليل إلى متانة التعايش الإسلامي - المسيحي. وبعودة محدثيه إلى الإشارة إلى أن حليفه «حزب الله» حرص على مراعاة «التيار الحر» بقبول المشروع التأهيلي وحتى بالموافقة على التصويت لمصلحته في مجلس الوزراء (خلال اجتماع الفرقاء في وزارة الخارجية الخميس الماضي)، علق بري قائلاً: «لمعلوماتكم، موقف حزب الله كان شريفاً في ذلك الاجتماع. وهو أبلغ المجتمعين أنه مع التصويت إذا وجد قبولاً من الاشتراكي، وأنه يقبل بالتصويت إذا اكتفى الاشتراكي بالتحفظ عن التأهيلي، لكن إذا رفضه واعترض عليه فإنه ضد التصويت». وكرر سبب رفضه التأهيلي «بفعل إصرارهم على تأهيل اثنين من المرشحين فقط، وهم الآن يريدون نقل مقاعد مسيحية. هل يريدون أخذنا إلى كانتونات؟».