طغى البعدان الإنساني والتنموي المرتبطان بأسوأ مرحلة يمر بها العالم العربي، على أعمال الدورة 16 لمنتدى الإعلام العربي، الذي انطلق في دبي أمس، بحضور أكثر من 3000 إعلامي وكاتب ومفكر من مختلف أنحاء المنطقة العربية، إلى جانب مسؤولين وأكاديميين عرب وأجانب. وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، الذي افتتح المنتدى، أن المنطقة تشهد أسوأ مرحلة في تاريخها، وهي أسوأ من أزمة 1967 التي كانت مدمرة، وأسوأ من مرحلة الخلافات العربية الحادة. وأضاف: «نحن في مرحلة قتل فيها 500 ألف مواطن سوري، وهجر أكثر من 4.5 مليون، ومثلهم نزحوا داخل الحدود السورية. وهناك جارة لمصر (ليبيا) ترزح تحت ضغط كبير من قبل ثلاث حكومات وصراعات بين أقاليم مختلفة. أما العراق، الجناح الشرقي للأمة العربية، فيعاني من وضع صعب». وأشار إلى أن «دول مجاورة تسعد بالوضع الذي وصلنا إليه، إذ كنا في السابق نتفاوض مع إسرائيل للتوصل إلى حل للقضية الفلسطينية، أما الآن فيحاول المسؤولون فيها فرض شروطهم، لأن مسؤوليها يعيشون أفضل مرحلة في حياتهم. أما إيران فتسيطر على القرار في أربع دول عربية، والقوات الإيرانية منتشرة في كل من سورية والعراق». ودافع أبو الغيط عن ما رآه صحافيون شاركوا في المنتدى من تقصير الجامعة العربية تجاه إيجاد حل للأزمة السياسية المتفاقمة التي تشهدها المنطقة. وقال إن «الجامعة العربية ما هي إلا انعكاس لما تمر به المنطقة». وعدد أبو الغيط إنجازات الجامعة خلال الفترة الأخيرة، لا سيما في إطار محاولة تفعيل «الدفاع العربي المشترك» من خلال تدريبات مشتركة بين عدد من دول المنطقة. وقال إنه «قد يأتي اليوم الذي نكون فيه مضطرين لاستخدام هذه الالية، ولكن ليس للهجوم المسلح وانما للدفاع عن أنفسنا». ورمى أبو الغيط الكرة في ملعب الدول العربية الأعضاء في الجامعة، لجهة التمويل، الذي لا يتعدى 23 في المئة فقط من نفقاتها. وتوصلت حوارات الإعلاميين خلال المنتدى الذي يستمر يومين، إلى أن «الحوار الحضاري» ومتطلبات إقامته، واستحقاقات تفعيله في مواجهة مجمل التحديات التي تشهدها المنطقة العربية، نتيجة النزاعات الإقليمية المتفاقمة، وما خلّفته من أزمات إنسانية وتنموية حجبت عن المنطقة العديد من الفرص، وحرمت بعض بلدانها من تحقيق معدلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية المأمولة، إذ يحاول المنتدى من خلال إشراك نخبة من المفكرين التوصل إلى أفضل الحلول التي يمكن من خلالها قيام الإعلام بدور فعّال في تغيير هذا الواقع إلى الأفضل، وبما يتواكب مع الطموحات الكبيرة لمستقبل المنطقة، ويؤكد قدرة شعوبها على المضي في مضمار التقدم نحو غد أفضل لأبنائها. تتطرق النقاشات على مدار يومي المنتدى إلى التصورات الخاصة بالدور المتوقّع من الإعلام خلال المرحلة المقبلة، خصوصاً في تصويب الصورة المشوهة التي ارتبطت بالإنسان العربي المسلم في أذهان كثيرين حول العالم، في ظل الإشكاليات المصاحبة للصراعات التي تهيمن على مناطق مختلفة من العالم العربي، وتفاقم التهديدات المحيطة، وفي مقدمتها خطر الإرهاب الذي أضحى يشكل تهديداً صريحاً لكل دول العالم، وما يستدعيه الوضع الراهن من ضرورة تطوير الخطاب الإعلامي الواعي القادر على المساهمة في محاصرة تلك الظاهرة بإقامة حوار يرسِّخ أسس التعايش ويثقِّف شباب المنطقة ويعرِّف العالم بقيم ديننا الحنيف، الداعية إلى التسامح وإقرار السلام بين الناس.