من أسهل ما يمارسه الإنسان في حياته اليومية أن يكون صاحب رد فعل، والأجمل من هذا أن يكون صاحب مبادرة! شاهدت كغيري في الفترة الماضية ردوداً كثيرة في بعض محتواها فائدة فكرية وتعبير عن قناعات راسخة بدليل وبرهان، ولست بصدد هذا الآن، إنما إلى أين يتجه هذا الخطاب الفكري ولماذا؟ خطاب يثق به كثيرون ويُعلّقون عليه الآمال العظام، بيد أنه غارق في ردود الفعل وفي بعض الأحيان لا يهتم كثيراً بمفرداته، ويدوم تساؤلي وعجبي! ألا يجدر بهذا الخطاب أن يتقدم خطوة نحو المبادرة؟ نعم. المبادرة للحديث عن حاجات أفراد المجتمع المعيشية راسماً بهذا سقفاً عالياً لتوقعات وطموحات الفرد عوضاً عن التفرغ للرد على كل من «غرّد» بكلمة أو رؤية خارج النسق العام لرؤى المجتمع وطموحاته في الرقي من دون الانسلاخ عن مقومات هويته الوطنية والدينية. إن خطوة كهذه ستساهم في الارتقاء بالواقع العام اجتماعياً وفكرياً ودينياً، فالدين ليس عبادات وأحكام فقط بل نظام شامل للحياة. فعلى سبيل المثال - لا التأييد أو الرفض - يطالب هذا الخطاب المرأة أن تمتنع عن العمل «كاشيرة» بدافع الفضيلة والحماية والحيطة، متناسياً دافع الحاجة الإنسانية للحياة الكريمة! أكرر على سبيل المثال - لا التأييد أو الرفض – وفي المقابل لم يطرح إلا القليل من المبادرات والبدائل للرقي بواقع المرأة اجتماعياً، وإن كانت هذه المبادرات في نظري فقدت وهجها إذ أنها لم تنطلق في سياق مشروع اجتماعي مُبادر بل أتت في سياق رد فعل على مشروع آخر. أفيقوا يا كتّاب المبادئ فالمبدأ السليم لا يقوم إلا في جسد معافى وسليم لا يعاني حاجة السؤال وافتقاد قوت اليوم واستجداء كريم العيش، ناهيك أن يبحث عن رفاهية فكرية في مقال يناقش ويدحض مذهباً أو رأياً فكرياً معارضاً أو طارئاً. كم من الكتاب المحايدين الشرفاء الذين لا يُحسبون على أي تيار أو توجّه كتبوا عن غلاء الأسعار وخدمات الطيران وغيرها؟ وكم ممن يُدعون «إسلاميين» خطّوا مقالاً اجتماعياً عّما يهم الفرد في تعليمه وصحته واحتياجاته اليومية؟! ختاماً: صرخت امرأة في برنامج «تسعة وتسعون» فقراً وجوعاً قائلة: «أعطوني لو لحم حمار»، وكتب أحد القراء معلّقاً في موقع إسلامي: «يا أخي ناقشوا مواضيع مهمة واطرحوا حلولاً معينة... تكلموا عن الخطوط السعودية تكلموا عن ساهر تكلموا عن المستشفيات عن ضعف الخدمات في شكل عام... اطرحوا أموراً تُهم المواطن داخل البلد». صرخة أطلقها صوت مواطن/ة... فمن سيُسابق للمبادرة بالحديث عنها؟