توقّع خبراء اقتصاديون أن يتحول عجز الموازنة المقدر ب40 بليون ريال في موازنة 2011 إلى فائض مثلما حدث خلال عام 2010، مؤكدين في الوقت نفسه قدرة المملكة على تغطية أي عجز في موازناتها لما تتمتع به من احتياطات ضخمة. وثمنوا في حديثهم إلى «الحياة» التزام الحكومة بالاستمرار في رفع النفقات وخفض عبء الدين العام، مشيرين إلى أن حجم الإنفاق الاستثماري ارتفع مقارنة بالسنوات الماضية بنسبة تجاوزت 30 في المئة. وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور إحسان أبوحليقة أن موازنة 2011 كشفت عن تطور ونمو كبير في حجم الإنفاق الاستثماري بقيمة 256 بليون ريال، الأمر الذي يمثل ضمانة زيادة قدرة الاقتصاد لبناء واستيعاب مؤسسات منتجة، مشيراً إلى أن حجم الإنفاق الاستثماري ارتفع عن السنوات الماضية بنسبة تجاوزت 30 في المئة. وقال: «ارتفعت قيمة الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة خلال سنوات الخطة الخمسية الثامنة، من 722.2 بليون ريال في عام 2004 إلى 855.8 بليون ريال في 2009، بمعدل نمو سنوي متوسطه 3.5 في المئة، أي أقل من المعدل المستهدف للخطة البالغ 4.6 في المئة، أما الخطة الخمسية التاسعة فتستهدف نمواً سنوياً متوسطه 5.2 في المئة بالأسعار الثابتة، في حين تقدر الخطة الإنفاق بنحو 1.4 تريليون ريال خلال سنوات الخطة التاسعة، بمتوسط سنوي 289 بليون ريال، بزيادة نحو الثلثين عما كان مقدراً لمتطلبات تنفيذ الخطة الخمسية الثامنة. وتحدث أبوحليقة عن العجز في الموازنة التقديرية للعام 2011 قائلاً: «هناك تحفظ من الحكومة للتقديرات النفطية، وهو ما أسهم في خروج تقديرات الإيرادات في موازنة 2011 متحفظة»، لافتاً إلى أن المؤشرات تؤكد أن الإيرادات النفطية ستكون أعلى مما قدرت، على اعتبار أن أسعار النفط ثابتة ولم تشهد أي انخفاضات تذكر، متوقعاً أن تسجل الموازنة العام المقبل فائضاً وليس عجزاً. وأشار إلى أنه من المتوقع أن تستهلك تنمية الموارد البشرية خلال سنوات الخطة الخمسية التاسعة (2010 - 2014) ما قيمته 731.5 بليون ريال، وقال: «يتضح أن ملف تنمية وتوظيف الموارد البشرية يستغرق المقدار الأهم من الإنفاق الحكومي، على رغم ارتفاع معدل البطالة، والحكومة خطت خطوات جوهرية لتنمية الموارد البشرية بما في ذلك مبادرتها لتطوير التعليم وإنشاء مزيد من الجامعات في أنحاء السعودية، الأمر الذي ضاعف عددها ثلاثة أضعاف خلال ثلاث سنوات، إضافة إلى ابتعاث عشرات الآلاف من المواطنين والمواطنات لإكمال دراساتهم الجامعية والعليا في الخارج، وكذلك البرامج التدريبية والتأهيلية المتعددة، ليصب كل ذلك في خانة الارتقاء بمخرجات التعليم العام والعالي والمتخصص بما يرتقي بإمكان توظيف الموارد البشرية المحلية». وذهب الخبير الاقتصادي إلى أن جانب التوظيف يبقى هو التحدي الأكبر، وقال: «مازال نزيف إهدار الفرص الجديدة التي يولدها الاقتصاد السعودي مستمراً نتيجة لعدم السيطرة على آليات العرض التي اعتادت على الركون لاستقدام العمالة»، مستشهداً بقدوم مليون وافد في عام واحد، مشيراً إلى أن الحكومة تنفق أمولاً طائلة لتنمية الموارد البشرية. من جهته، طالب المستشار الاقتصادي الدكتور علي التواتي بأن يكون هناك توازن في الإنفاق على المشاريع التنموية للمستقبل وبين حاجات المواطنين اليومية، مؤكداً ضرورة عدم المبالغة في المشاريع التطويرية على حساب المواطنين الحاليين الذين عانوا الأمرّين من خسائر الأزمة الاقتصادية العالمية والحروب المتعددة في المنطقة، موضحاً أن انخفاض الدين العام للدولة أمر إيجابي. ورأى التواتي أنه «تهم المواطن معرفة أنه سيتم بناء 610 مدارس جديدة للبنين والبنات في جميع المناطق، إضافة إلى المدارس الجاري تنفيذها حالياً البالغ عددها أكثر من 3200 مدرسة، أي أنه سيتم بناء 3810 مبانٍ مدرسية جديدة»، لافتاً إلى أن الموازنة أكدت أنه سيتم تسلّم 600 مدرسة وتأهيل وتوفير وسائل السلامة ل2000 مبنى مدرسي للبنين والبنات، وإضافة فصول دراسية للمدارس القائمة، وتأثيث المدارس وتجهيزها بالوسائل التعليمية والمعامل وأجهزة الحاسب الآلي، وكذلك إنشاء مبانٍ إدارية لقطاع التعليم العام. واعتبر الدكتور التواتي أن الدولة بديونها القليلة وفوائضها واحتياطاتها الكبيرة لن تثقل كاهل المواطن بمزيد من الرسوم المباشرة وغير المباشرة، ومن المتوقع استقرار أسعار البنزين إضافة إلى أسعار الماء والكهرباء المنخفضة في الوقت الحالي.