يزعم التقرير الأميركي عن مراجعة الاوضاع في افغانستان، أن زيادة القوات الاميركية هناك حققت نتائج لا يستهان بها. لكن الحق يقال، ليست هذه النتائج حاسمة أو دائمة. وصدر تقويم الاستراتيجية الاميركية في وقت بلغت الإصابات المدنية ذروتها، منذ 2001 الى اليوم. والعام الجاري هو الأكثر دموية في صفوف قوات الاحتلال. ومنيت الولاياتالمتحدة بحصة الاسد من الإصابات. وتزامن نشر تقويم الاستراتيجية مع زيادة عدد الغارات الاميركية على المناطق الباكستانية. ولا شك في أن تقويم أوباما ليس أكثر من تقرير يوازن بين ضغوط الجيش الاميركي الذي يطالب بمنحه الوقت الكافي لبلوغ أهدافه في أفغانستان، وبين ضغوط الإدارة الحريصة على الظهور كما لو أنها تود إنهاء الحرب. وعلى رغم تمسك الإدارة الاميركية بموقفها القائل إن بداية الانسحاب الاميركي من أفغانستان تموز (يوليو) القادم، لم يُحدد بعد عدد الجنود العائدين إلى ديارهم. وتجنب التقويم الاميركي أو المراجعة توجيه الانتقاد المباشر الى الحكومتين الباكستانية والأفغانية، وزعم انحسار نفوذ طالبان في قندهار وهلمند. وعلى رغم الاشارة إلى أن الولاياتالمتحدة واصلت قتل قيادات «القاعدة» وأنها قيدت قدرتها على شن هجمات إرهابية من المنطقة، أغفل التقرير ذكر اسماء قادة القاعدة الذين قتلوا أو اعتقلوا. ولم يشر التقرير إلى الخسائر المدنية، ولم يقترح تعويض السكان عن الخسائر التي لحقت بهم جراء الغارات. ويشكو الأفغان من أن التركيز على الحرب على الإرهاب وعلى دعم القوات الأفغانية في الميدان جاء على حساب مكافحة الفساد المستشري في أجهزة الدولة. وانتقد كبار المسؤولين في البنتاغون التقرير هذا، وقالوا إن (معلوماته) قديمة وصاغها محللون أمضوا وقتاً قصيراً في المنطقة. ويتحدث القادة العسكريون الأميركيون عن احراز نجاحات بارزة في الجنوب الأفغاني في الشهور الأخيرة. ولكنهم يقولون أيضاً أن تقويم الوضع تقويماً حاسماً غير ممكن قبل أن تبدأ معارك الربيع والصيف. ونهج قوات الاحتلال المزدوج الذي يجمع بين السعي في الحاق الهزيمة بقوات طالبان والرغبة في التفاوض معها لا يسهم في ارساء الاستقرار. وأميركا تخسر الحرب في أفغانستان، ولكنها توجه اللوم الى باكستان. ولذا، حريّ بباكستان أن تراجع سياستها ازاء أفغانستان وأن تنأى بنفسها عن السياسة الاميركية إذا تباينت مصالح البلدين. * ضابط سابق في سلاح الجو الباكستاني، عن «ذ نايشن» الباكستانية، 20/12/2010، اعداد جمال اسماعيل