استأثر قطاعا التعليم والصحة بحصة الأسد في موازنة العام الجديد التي صادق عليها نائب خادم الحرمين الشريفين الأمير سلطان بن عبدالعزيز خلال رئاسته جلسة مجلس الوزراء أمس، ونال الأول 150 بليون ريال، وبمعدل مئوي بلغ 26 في المئة من إجمالي مخصصات الموازنة، فيما بلغ مخصص الصحة والتنمية الاجتماعية 68.7 بليون ريال، وبمعدل 12 في المئة من مخصصات الموازنة الإجمالية، وإذا ما أضيفت إليهما الخدمات البلدية فإن مخصصات القطاعات الثلاثة تشكل ما يصل الى 42 في المئة من موازنة العام الجديد. وإن كانت الموازنة التي صدرت أرقامها أمس استمرت تحمل متلازمة الأكبر والأضخم في تاريخ الاقتصاد السعودي الحديث، وهي الصفة التي لازمت موازنات الأعوام السبعة السابقة، إلا أن الموازنة الجديدة ركزت على تنمية قطاعات بعينها، مثل مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير القضاء، وتنفيذ الخطة الوطنية للعلوم والتقنية للإسهام في نقل وتوطين التقنية، إضافة الى استمرار الإنفاق على المشروع الوطني للتعاملات الإلكترونية، وهي أمور للمرة الأولى ينص عليها في بيان الموازنة، وهو ما يوضح أهميتها أيضاً لدى حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي يوليها عنايته الشخصية، فالإنسان السعودي بحاجة للتقدم التقني الذي يسهل أمور معيشته ويسهم في زيادة رفاهيته بعد أن يوفر له التعليم والرعاية الصحية المناسبين. كما أن ما يمكن قراءته في بنود الموازنة إضافة الى اهتمامها بتعليم الإنسان السعودي، وتوفير وسائل الصحة والعلاج له، استمرار افتتاح الجامعات والكليات الجديدة، إذ نصّت الموازنة على اعتماد 9 بلايين ريال لاستكمال بناء المدن الجامعية، وافتتاح عشر كليات جديدة، إضافة الى تخصيص ما يصل الى 9 بلايين ريال أخرى لتنفيذ مساكن أعضاء هيئة التدريس في الجامعات. وفي الصحة، فإن ما يثلج الصدر في أرقام الموازنة هو نصّها على إنشاء 12 مستشفى جديداً، وتطوير وتحديث أربعة مستشفيات قائمة، ليصل إجمالي ما يتم تنفيذه الى 120 مستشفى ومستوصفاً حكومياً تصل طاقتها الاستيعابية الى حوالى 27 ألف سرير. ولعل ما يبهج أيضاً بالتزامن مع الموازنة هو انخفاض معدل الدين العام الى 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الذي كان يشكّل ما يصل الى 83 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي قبل سبع سنوات. وبلغة الأرقام المجردة فإن الدين العام انخفض الى 167 بليون ريال فقط، وهو رقم صغير بكل المقاييس إذا ما قورن ب 660 بليون ريال عام 2003، و614 بليوناً في العام التالي، و475 بليوناً في 2005، وليشهد أيضاً انخفاضاً إلى 366 بليوناً في 2006، وإلى 267 بليوناً في 2007، ولينخفض أكثر مع فوائض 2008 إلى 237 بليون ريال، ثم 225 بليوناً في موازنة 2009، وليصل الى 167 بليون ريال فقط مع إعلان موازنة هذا العام. ولعل أهم البنود الذي لم تقله أرقام موازنة أمس أنه وبتحقيق موازنة 2010 لفائض صافٍ بلغ 108.5 بليون ريال، فإن إجمالي ما تحقق من الفوائض الصافية خلال الفترة 2003 - 2010 بلغ 1.453 تريليون ريال. وهذا المبلغ الكبير هو فائض صافٍ «بعد خصم التوسّع في الإنفاق الذي صاحب موازنات الأعوام السابقة»، إذ لم تشهد الموازنة السعودية أي عجز فعلي خلال السنوات 2003 الى 2010 سوى في موازنة 2009 «الفعلية» الذي سجل عجزاً بمقدار 45 بليون ريال فقط. فيما كان عام 2008 هو العام الأجمل للموازنة السعودية، وفيه سجلت فائضاً تاريخياً فعلياً بلغ 590 بليون ريال سعودي.