الصدفة وحدها هي ما قاد نحو 300 خريج من كليات المعلمين إلى التجمع أمام مبنى وزارة التربية والتعليم صباح أمس، تزامناً مع حضور وزيري «التربية والتعليم» و«التعليم العالي» للتوقيع على مذكرة تفاهم تهدف إلى مواءمة مخرجات الكليات والجامعات مع حاجة المدارس، ليوجه المتجمعون رسالة قوية عن مدى تأخر الوزارتين في التنسيق بينهما، وعن حجم الفجوة القائمة حالياً بين كمية ونوعية ما تخرجه الكليات، وما يحتاجه الميدان التربوي. وإن بدا محبطاً أن يواجه مسؤولو وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي هذا الحشد من «المنزعجين» أمام مقر وزارة التربية بدلاً من أن يستقبلوا بفلاشات الصحافيين وتصفيق الحضور، إلا أن وزير التربية الأمير فيصل بن عبدالله لم يجد حرجاً في أن يبادر بلقاء المتجمعين والاستماع إليهم قبل أن تبدأ مناسبة توقيع المذكرة، إذ قال في تصريحات للصحافيين: «نحن وقفنا معهم (المتجمعين) ونتعاطف معهم، وسعدت أنا ووزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري بزيارتهم والاستماع لهم، فنحن كمسؤولين وُجدنا لخدمتهم، وأي شيء نستطيع فعله سنفعله من أجل خدمة الوطن». وطالب المتجمعون الذين يحملون تخصص اللغة العربية بإلغاء اختبار القياس والتقويم، وتوظيفهم من دون شروط. وقال أحدهم ويدعى محمد العنزي الذي تخرج في العام 1427ه ل«الحياة»: «تجمعُنا مستمر إلى أن تتحقق مطالبنا في التعيين أسوة بمن سبقونا الذين لم يخضعوا لاختبار القياس». وأكد أن الاختبار لا يحدد مستوى المعلم، إذ لا يكون في الأشياء التي درسها الخريج في جامعته. وذكر تركي الحربي الذي تخرج في العام 1425ه أنه ترك وظيفته من أجل التحضير لاختبار القياس، لكنه فشل فيه، معتبراً أنه ليس من العدل ولا المنطق أن يختبر الخريجون في شيء لم يدرسوه طوال الأعوام السابقة. وقال الخريج سلطان الحربي: «مللنا الوعود الواهية والتخدير الذي لا يترجم على أرض الواقع، فالدورات التي نخضع لها لا هدف لها سوى إضاعة الوقت، ورغم أن معدلي كان جيد جداً ووقعت على ورقة بأن تعييني سيكون بعد تخرجي فوراً، إلا أن أحلامي ذهبت أدراج الرياح عقب تخرجي، إذ تنصلت الوزارة من تعييني». في هذه الأثناء كان وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله ووزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري يوقعان مذكرة تفاهم تهدف إلى مواءمة مخرجات الكليات والجامعات مع حاجة المدارس، استجابة للأمر السامي المتضمن التأكيد على تعزيز الدور التكاملي المشترك، وضرورة مواءمة مخرجات التعليم العالي مع الحاجة الفعلية من التخصصات في التعليم العام، والدعوة إلى التنسيق بين الوزارتين بشكل مستمر بما يحقق استمرار تغطية الحاجة الكمية والنوعية في التعليم العام من المعلمين والمعلمات. وتسعى هذه المذكرة طبقاً لبيان صدر عن الوزارتين إلى الإسهام في تطوير المؤسسات الأكاديمية، لإعداد المعلمين والمعلمات بما يطور قدراتهم العلمية والتربوية والمهنية، والتنسيق المستمر للتعامل مع المؤشرات المستقبلية ومعدلات النمو في المملكة، ووضع الخطط المستقبلية التي تحدد نسب الالتحاق بالكليات التربوية، بما يراعي الحاجة الفعلية من التخصصات في التعليم العام، والعمل المشترك على تنمية وتطوير خبرات طلاب وطالبات التعليم العام وقيمهم ومهاراتهم، بما يجعلهم على استعداد مناسب للانخراط في كليات التعليم الجامعي بأنواعها المختلفة. كما تهدف المذكرة إلى دعم المشاريع والبرامج والنشاطات المشتركة، وتبادل الخبرات بين الجانبين، وتقديم التسهيلات اللازمة، وتطوير البرامج التدريبية القائمة، ومنها برامج مديري المدارس، ورواد النشاط والمشرفين التربويين، ومشرفي المناهج، واستمرار إعداد برامج لزيادة تأهيل المعلمين والمعلمات، وعقد منتدى سنوي ترعاه الوزارتان، وينفذ في إحدى الجامعات يتمحور حول إحدى القضايا الأساسية، ودعم جهود اللجنة الدائمة المشكّلة من الوزارتين بما يحقق هذه الأهداف، وتشكيل أمانة للجنة تُتابع تنفيذ العمل المشترك، والدراسات، والقرارات، والتوصيات التي يتم اتخاذها. وعلّق الدكتور خالد العنقري على المذكرة بقوله: «ستؤدي إلى تحسين مخرجات كليات التربية من معلمين، وتحسين مدخلات الجامعات من خريجي الثانوية، ولا سيما المهارات التي يتطلبها التعليم الجامعي من خريجي الثانوية، والزملاء في وزارة التربية متحمسون لمعرفة المهارات التي يحتاج إليها الطلاب قبل مرحلة الجامعة، ومن جانبنا نسعى إلى معرفة مواصفات المعلم الذي تحتاج إليه وزارة التربية والتعليم، حتى يمكن أن يُعَد الطالب في إطار هذه الموصفات المطلوبة من الجامعات». وعن الموازنة الجديدة ل«التعليم العالي» أكد أن «موازنة التعليم دائماً في أعلى سلم الأوليات»، لافتاً إلى أن عدد مقاعد الابتعاث التي ستخصص في الموازنة الجديدة ستكون بنفس مستوى عدد المقاعد في المراحل السابقة.