تكتسب جولة الرئيس باراك أوباما الأربعاء المقبل، على المنطقة وعواصم أوروبية، دلالات مهمة تتعلق بالثوابت الأميركية في السياسة الشرق الأوسطية والتزام الادارة الأمن والاستقرار الاقليميين. ويعكس اختيار البيت الأبيض للسعودية ومصر كمحطتين في الزيارة «البعد الاستراتيجي» للعلاقة الاميركية معهما وتقدير واشنطن لدورهما على الساحتين الاقليمية والدولية. وعبرت الادارة الأميركية أمس عن «عمق وثبات علاقتها» بالمملكة العربية السعودية. وشددت على تقدير الرئيس الأميركي لجهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، خصوصا «في اطلاق المبادرة العربية للسلام». وأكد مسؤول في البيت الأبيض ل «الحياة» أن زيارة أوباما هي تعبير عن «العلاقة القوية والثابتة بين البلدين»، وتعاونهما الدولي «في مسائل أمنية وسياسية اقليمية وفي مكافحة الارهاب والمجالات الاقتصادية». ونقل المسؤول تقدير أوباما لجهود القيادة السعودية في عملية السلام، وخصوصا المبادرة العربية للسلام التي أطلقها الملك عبدالله العام 2002 في قمة بيروت، وتعزم الادارة الأميركية على اعتمادها كركيزة لإحياء جهود السلام. وتعكس الخطوة، بحسب السفير الأميركي السابق ومستشار أوباما خلال الحملة الانتخابية دانيال كرتزر «العلاقة الثنائية القوية والمتينة بين البلدين». ويشير كرتزر ل «الحياة» أن توقف أوباما في السعودية ومن ثم توجهه الى مصر لألقاء خطابه للعالم الاسلامي الخميس المقبل، يعكسان « تقدير واشنطن لدور الرياضوالقاهرة على المستوى الاقليمي». واذ أكد الناطق باسم البيت الأبيض روبرت غيبس ان الرئيس يتطلع للقاء خادم الحرمين، «يؤمن بأنها ستكون فرصة لمناقشة الكثير من المسائل المهمة ويعتقد بأنها فرصة جيدة للقيام بذلك»، يرى كرتزر أن المحادثات ستشمل، الى عملية السلام، الانسحاب الأميركي من العراق، وطريقة التعامل مع ايران، والتعاون العسكري والاقتصادي الثنائي وقضايا أخرى وكثيرة ذات اهتمام مشترك. ويؤكد كرتزر، الذي كان سفيرا لدى مصر، أن الادارة في صدد وضع استراتيجيتها حول ايران، وأن أي مخاوف من صفقة ايرانية - أميركية لا أساس لها، ويشدد على الثوابت الأميركية في المنطقة والتزام واشنطن أمن حلفائها واستقرار المنطقة. وتأتي زيارة أوباما السعودية لتجمعه للمرة الثانية مع الملك عبدالله، بعد لقائهما الأول في قمة العشرين في لندن مطلع الشهر الماضي. وتبعت هذا اللقاء زيارات مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى للرياض، أبرزهم وزير الدفاع روبرت غيتس والمبعوث الرئاسي الى المنطقة جورج ميتشل والمستشار الخاص لمنطقة الخليج دنيس روس. وقال غيبس ان الزيارة ستشكل بداية جولة يقوم بها أوباما تشمل أيضا أوروبا ومصر، حيث من المقرر ان يلقي خطابا مهما يتوجه فيه الى العالم الاسلامي يشكل منعطفا في كيفية تعاطي الادارة الاميركية الجديدة مع العالم الاسلامي. وقال مسؤولون في البيت الابيض ان الخطاب سيركز على كيفية قيام الاميركيين والمسلمين خارج الولاياتالمتحدة بضمان «سلامة وأمن» ابنائهم في اطار مستقبل افضل. واستبعد غيبس فكرة تضمين الخطاب خطة سلام متكاملة للنزاع في المنطقة، مشيرا الى ان الخطاب سيتضمن «عناصر حول كيفية تحقيق السلام انما لن يضع خريطة مفصلة لكيفية الوصول الى هذا الهدف». واعتبر كرتزر بدوره أن فكرة وضع خطة للسلام هي مبكرة في هذه المرحلة وأكد أنه ينصح الرئيس بالانتظار لإيجاد أساس لاطلاق المفاوضات بين الاسرائيليين والفلسطينيين ومن ثم وضع خطة كهذه. وكانت زيارة الرئيس الأميركي لمصر على جدول المحادثات التي اجرتها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مع الوفد المصري الممثل بوزير الخارجية أحمد أبو الغيط ورئيس الاستخبارات الوزير عمر سليمان، وأكدت الادارة أن «علاقة الولاياتالمتحدة القوية بمصر تعود الى أكثر من 30 عاما». وقال مسؤول أميركي ل «الحياة» إن «ركيزة هذه العلاقة هي المصلحة المشتركة في الوصول الى سلام شامل بين اسرائيل وجيرانها ورغبة مشتركة في مكافحة التطرف ونزاعات اقليمية ودولية أخرى عبر المفاوضات والوسائل السلمية». ولفت المسؤول الى ان «القاهرة هي مركز جامعة الأزهر المعهد الاسلامي الأعرق منذ القرن العاشر»، وأضاف ان الجامعة (المرجح أن تكون منبر الخطاب) «خرّجت الآلاف من العلماء المسلمين». وشدد على مبدأ وضع شروط على المساعدات الأميركية لمصر. وقال «ان الادارة الحالية، كما الادارة السابقة، لا تدعم أي جهد لوضع شروط على المساعدات لمصر» وأن هذه المساعدات تقع ضمن «المصالح الأميركية». وينتقل اوباما بعد الرياضوالقاهرة، الى مدينة درسدن الالمانية ومعتقل بوشنفالد النازي السابق، ويشارك في السادس من حزيران (يونيو) في فرنسا في الاحتفالات بذكرى انزال الحلفاء في النورماندي مع نهاية الحرب العالمية الثانية. وزار أوباما منذ انتخابه محطتين اقليميتين هما تركيا والعراق، ولا توجد خطط حالية لزيارة اسرائيل.