أكد الرئيس الأعلى ل «حزب الكتائب» الرئيس اللبناني السابق أمين الجميل أن «لبنان لا يبنى من دون كل الفئات ومن بينها حزب الله، لكن لبنان لا يبنى مع دولة حزب الله»، معتبراً أن «ما يحصل عصيان غير معلن بعد، أو تمهيد لأحداث لاحقة»، وقال: «منذ الآن نبلغ المعنيين، بأن أي مس بالأمن سيرتد على أصحابه. ونقول بوضوح لسنا ذئاباً، لكن لسنا بنعاج أيضاً. نحن أسود يعرف الأمس القريب جولاتنا، واشتاقت الساحات إلى صولاتنا. ثوابتنا لن تتغير وقناعاتنا لن تتعدل وعلى أرواح شهدائنا لن نساوم». وأشار إلى «أننا نلمح طلائع مشاريع متعددة المنشأ، تسعى لا إلى تطوير النظام لتصبح آليته الدستورية منسجمة مع تعددية المجتمع، بل لإلغاء مفهوم الدولة المدنية وأسس الجمهورية الجامعة وتغيير هوية الوطن ونمط الحياة وإعطاء فقه جديد للتعايش، من خلال فرض ذمية محدثة سياسية وعسكرية وأمنية واجتماعية. هذه مشاريع نرفضها ونقاومها جميعاً». كلام الجميل جاء في احتفال حاشد أقيم في «فوروم دو بيروت» أمس لمناسبة الذكرى السنوية ال 75 لتأسيس الحزب، في حضور وزير العدل إبراهيم نجار ممثلاً الرئيس اللبناني ميشال سليمان والنائب نهاد المشنوق ممثلاً رئيس المجلس النيابي نبيه بري والوزير حسن منيمنة ممثلاً رئيس الحكومة سعد الحريري وحشد من الشخصيات الرسمية والحزبية على رأسها نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري ورئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع والوزيرة منى عفيش. وقال الجميل في كلمته: «لبنان ليس مشروعاً ممكناً لنجعله مستحيلاً، انه مشروع حتمي فلا نؤخرن تحقيقه ولا نحاولن تغيير رسالته. إن البديل عن لبنان الميثاق ليس لبنان آخر، إنما هو آخر لبنان. الشعب الواحد المصمم على الحياة معاً. أما نحن، فيوجد بيننا من يريد الأمن ولا يكف عن القتال، والسيادة ولا يكف عن الاستعانة بالغريب، والاستقلال ولا يكف عن الانحياز، والقيادة ولا يكف عن الانقياد، والتحرير ولا يكف عن الانفصال، إننا نعيش مأساة وجودية وكيانية ونجتاز أزمة نظام ودستور وثقة تحكم الاحتكام إلى الضمير قبل القانون والسياسة لنصلح ميثاق الحياة المشتركة». واعتبر أن «من بين الأسباب التي أدت إلى فشل مشاريع الإصلاح في لبنان منذ الاستقلال إلى اليوم أنها بنيت على أساس طائفي وهدفت إلى تطوير دور الطوائف على حساب بعضها البعض، عوض أن تبنى على أساس خلق مواطن يحترم الطوائف وتبعد الطائفية من مؤسسات الدولة. لقد تقدم دور الطوائف والمذاهب وتراجع دور الإنسان والمواطن. نشوة الانتصار على الآخر غلبت إرادة الميثاق والتعايش». وأضاف الجميل: «إن تثبيت الاستقرار في لبنان وإخراجه من دوامة الحروب والأزمات المتتالية تفرض على اللبنانيين مواجهة الحقيقة كاملة. لا أسباب الحروب علينا واضحة، ولا مرتكزات تسوياتنا الوطنية شفافة. حروب البعض أوامر، وقبولهم بالتسويات أوامر، ولأننا نقاتل من دون إنذار ونتحاور من دون مصارحة، أتى معظم حروبنا عبثياً، وجاءت معظم تسوياتنا ملغومة وفي طياتها نقاط اختلاف تؤسس لخلافات مستقبلية. لا يعود ذلك إلى أن أبواب لبنان مشرعة أمام الخارج فقط، بل لأن الأبواب موصدة بين اللبنانيين انفسهم. وفيما نسعى إلى ترسيم الحدود بين لبنان ومحيطه من جديد هناك حدود ترتسم بين فئات لبنانية وأحزاب لبنانية ومذاهب لبنانية ومناطق لبنانية». ولفت الجميل إلى «أننا نفهم لبنان دولة تعددية ديموقراطية يعيش فيها المسيحيون مع المسلمين حضارة لبنان والشرق منفتحين على الثقافة العالمية، وإذ نشطنا كمسيحيين لتأسيس هذه الدولة بكيانها الحالي فليس لتكون لنا، لكن لن نقبل أن تصبح ضدنا. نؤمن بأن كل الأطراف اللبنانيين شركاء في بناء الوطن، وسيأتي يوم تحل النعمة والحكمة على الجميع، فنكشف أمرين: أولاً عبثية الصراع الدائر اليوم ومدى الأضرار التي خلفها على وحدتنا ونموذج تعدديتنا. لذلك فإن الحوار واجب في مثل هذه الظروف الصعبة، وفي كل ظرف لمنع بلوغ الصراع الحالي حد تهديد وجودنا المشترك». وتابع الجميل: «على رغم التصعيد المتواصل، ما فتئنا نردد أن حزب الله هو في صميم هذا البلد، ومكابر من ينكر طاقات هذا الحزب وصفته التمثيلية، وما فتئنا نردد أن لبنان لا يبنى من دون كل الفئات ومن بينها حزب الله، لكن لبنان لا يبنى مع دولة حزب الله. إن دولة لبنان لا تبحث عن الاتحاد بدولة أخرى، بل تبحث عن جمع بنيها لتضمهم تحت جناحيها في ظل مشروع دستوري واحد. إن إحياء زمن الدويلات والمشاريع الخاصة بكل طائفة وحزب، يفتح شهيات كثيرة، بخاصة في وقت يتفتت العراق ويقسم السودان ويعاني اكثر من بلد عربي نزعات انفصالية. قدمنا في لبنان ولا نزال تضحيات لإنقاذ البلد من ظاهرة الأمن الذاتي والمربعات الأمنية والمخيمات الفلسطينية المعسكرة وقوى الأمر الواقع، فلا نحركن الرغبات النائمة. إن الاتفاق في ما بيننا على أن إسرائيل هي العدو، وهذا تحصيل حاصل، لا يكفي لبناء لبنان، يجب أن نتفق على الحياة الميثاقية والتفاعل الاجتماعي ومفهوم الدولة ودور لبنان في محيطه، وعلى مفهوم النظام والمشاركة ومبدأ الديموقراطية والتوافقية واحترام الدستور وفصل السلطات، وعلى حل موضوع ترسانة حزب الله العسكرية، بحيث لا يبقى سلاحان في دولة واحدة وجيشان لشعب واحد، ويجب أن نتفق مع كل قوى 8 آذار على مبدأ الفصل بين الخلاف السياسي وبين المؤسسات الدستورية. ما نراه منذ مدة ليس ممارسة سياسية، بل عقوبة تنفذها المعارضة بحق الشعب، أتراها أنشأت محكمة خاصة لمحاكمة الشعب والاقتصاص منه». ورأى أن «ما يخدش آذاننا من تصريحات وخطب هو أساساً تحد للدولة قبل سواها، وبالتحديد لمؤسساتها الدستورية والعسكرية والأمنية، ويطرح صدقية الوعود التي التزمت بها هذه المؤسسات بالدفاع عن الوطن والمواطنين، وإذا لم تفعل، لن تكون نهاية 14 آذار بل نسف مؤسسات الدولة التي نؤيد والجيش الذي ندعم. وكل ذلك، يجرى تحت ستار رفضهم العدالة الدولية واعتبارهم المحكمة أداة تآمرية في مشروع الشرق الأوسط الجديد، وكأن الاغتيالات حدثت خصيصاً لتبرير إنشاء المحكمة، في حين ما كانت هذه المحكمة ترى النور لو لم تمتد يد الغدر إلى خيرة رجالاتنا الوطنية، ولو لم يكن القضاء اللبناني آنذاك خاضعاً لنظام امني عاث بالبلاد والعباد قهراً وقمعاً وفساداً لمدة 15 سنة. لا بد من أن نوحد نظرتنا إلى العدالة، لأنها ليست مشروع سياسة، فالاتهامات السياسية باطلة والتبرئة السياسية باطلة أيضاً، وحده حكم العدالة يزيل الإجحاف ويحيي الثقة المترنحة اليوم بين مختلف مكونات الوطن». واقترح الجميل «إجراء حوار تفاوضي تاريخي نقيم فيه تجربة نحو مئة عام على حياتنا المشتركة. لم يحصل أن جلس الشعب اللبناني عبر ممثليه الحقيقيين والفاعلين وأفرغوا هواجسهم الحقيقية أمام بعضهم البعض من دون خوف من محرمات. نحتاج اليوم إلى حوار من دون شروط ومن دون الاحتكام اثناءه إلى السلاح والعصيان والضغط وفرض حل ما وتمرير بند ما وتسوية ما على حساب لبنان. نحتاج اليوم الى حوار شريف يتصارح فيه كل اللبنانيين. نحتاج اليوم الى حوار نحكي فيه عن الكيان والاستقلال والدولة والدستور والنظام والمؤسسات والمذاهب والمواطن والإنسان والخوف والغبن والحقوق... عن العالم العربي واسرائيل والأمن والحرية ونضالاتنا ومقاومتنا، هكذا نعترف ونندم، نعتذر، نسامح ونطلق لبنان الجديد النهائي السرمدي المبني على المصارحة التاريخية والحقيقية، وإنني واثق بأننا اذا تصارحنا وراجعنا تجاربنا لا بد من أن نخرج منشدين نعم للبنان والاستقلال والميثاق والاستقرار والدولة، ولا للقتال ولا للحروب ولا للسلاح». وأكد الجميل أن «مشكلة لبنان هي ان دولاً عدة تتجاهل طاقاته ومفهومه لنفسه، وتتعاطى معه انطلاقاً من ادوار تحددها هي على قياس مصالحها ومشاريعها غير عابئة بأمن لبنان واستقراره ووضعه الخاص في هذا الشرق. فكفى تدخلاً في شؤون لبنان وتطاولاً على سيادته وانتحالاً لأدوار بنيه، ابعدوا عنا خروقكم ووصايتكم وجيوشكم وسلاحكم، ودعونا نعيش بسلام». ورأى أن «المشاركة المتساوية في مسؤوليات الحكم وقراراته هي وجه اساسي من وجوه المناصفة التي لم تترجم بعد عمليا». وسبق كلمة الجميل قسم 2120 عضواً جديداً يمين الانتساب الى «الكتائب» في دورة سميت باسم الرئيس المؤسس للكتائب الشيخ بيار الجميل.