دخلت القوات النظامية السورية مدينة الزبداني بريف دمشق بعد أيام من دخولها بلدة مضايا المجاورة، لتكون بذلك أمّنت إلى حد كبير جزءاً واسعاً من حدودها الغربية مع لبنان. وجاء ذلك بعد اكتمال خروج آخر دفعة من مسلحي المعارضة وأفراد عائلاتهم من الزبداني نحو مدينة حلب على أن ينتقلوا منها إلى إدلب، في مقابل خروج ثلاثة آلاف من سكان بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين بريف إدلب وبينهم مئات من عناصر «حزب الله» وقوات الدفاع الوطني، نحو مدينة حلب أيضاً حيث يُفترض أن تنتهي المرحلة الأولى من «اتفاق المدن الأربع» الذي بدأ تنفيذه قبل أيام والقاضي بإجلاء متبادل بين بلدات سنّية معارضة للحكومة وأخرى شيعية موالية لها. ويقول منتقدون إن هذا الاتفاق سيؤدي إلى أكبر عملية «تغيير ديموغرافي» في سورية (للمزيد). وجاء ذلك في وقت شهد ملف «مذبحة الكيماوي» في خان شيخون (ريف إدلب الجنوبي) تحركاً لافتاً، إذ أعلنت فرنسا أن استخباراتها ستقدّم «دليلاً» على ضلوع القوات الحكومية السورية في الهجوم الذي تعرضت له البلدة بغاز السارين في 4 نيسان (أبريل) الجاري، وهو الهجوم الذي أوقع حوالى 90 قتيلاً، ودفع بالرئيس دونالد ترامب إلى قصف قاعدة الشعيرات الجوية في حمص (وسط) المفترض أن الطائرات التي نفّذت الهجوم انطلقت منها، بصواريخ كروز. ونقلت وكالة «رويترز» عن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إرولت قوله لمحطة تلفزيون «أل سي بي» أمس: «هناك تحقيق تجريه أجهزة الاستخبارات الفرنسية والاستخبارات العسكرية... إنها مسألة أيام وسنقدم دليلاً على أن القوات النظامية نفّذت هذه الضربات». وجاء كلامه بعد ساعات من تصريحات نقلها وفد بريطانيا في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في لاهاي عن المدير العام للمنظمة أحمد أوزومجو والتي تضمنت تأكيداً لاستخدام «(غاز) السارين أو مادة كالسارين» في الهجوم على خان شيخون. وتدعم هذه النتيجة فحوصاً سابقة أجرتها معامل تركية وبريطانية. ونفت الحكومة السورية استخدام سلاح كيماوي في قصف خان شيخون، وساندتها في موقفها روسيا حين مارست حق النقض (فيتو) ضد مشروع قرار غربي في مجلس الأمن يتهم دمشق بالمسؤولية عن المذبحة. وقال الكرملين إن الرئيس فلاديمير بوتين سيستقبل اليوم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وإنهما سيبحثان في الحرب ضد «الإرهاب الدولي» في سياق الأزمة السورية، وكذلك الوضع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام موالية للحكومة السورية أن آخر دفعة من مسلحي المعارضة في الزبداني قرب دمشق إما غادرت إلى مناطق تابعة للمعارضة أو قبلت بالخضوع لسيطرة الحكومة، وذلك في إطار اتفاق إجلاء متبادل خاص بالمناطق المحاصرة. وقالت وسائل إعلام عدة إن الآلاف بينهم مئات من «حزب الله» وميليشيات الدفاع الوطني الموالية للحكومة غادروا أيضاً بلدتي الفوعة وكفريا قرب إدلب في إطار الاتفاق المفترض أن يؤدي أيضاً إلى إطلاق مخطوفين قطريين لدى جماعة شيعية في العراق. ونقلت إذاعة «شام أف أم» عن مسؤول كبير في الزبداني قوله، أن المنطقة أصبحت خالية من المعارضين بعد خروج آخر دفعة منهم صباحاً، فيما قالت وحدة «الإعلام الحربي» التابعة ل «حزب الله»، إن القوات الحكومية تعمل على إزالة الألغام وتفجّر أنفاقاً تربط بين الزبداني وقرى قريبة منها بعد اكتمال انسحاب المعارضين المسلحين.