في خطوة أثارت غضب موظّفي الدولة واستياءهم في العاصمة صنعاء والمحافظات التي يسيطر عليها المسلّحون الحوثيون والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، قرّرت «حكومة الإنقاذ الوطني» (غير المعترف بها دولياً) صرف قسائم تموينية للموظّفين بدلاً من رواتبهم المتوقّفة منذ سبعة أشهر. وأعلن رئيس حكومة الانقلاب عبدالعزيز بن حبتور أمام البرلمان اليمني أن الموظّفين في الجهاز المدني والعسكري والأمني، سيتسلّمون 50 في المئة من رواتبهم عن الأشهر الأخيرة من العام الماضي وحتى آذار (مارس) الماضي، على شكل سلع أساسية وغذائية من خلال «الكوبون التمويني»، و30 في المئة منها نقداً، و20 في المئة ستحوّل من رواتبهم إلى حساباتهم البريدية من دون أن يكون لهم الحق في سحبها. وأبدى موظّفون تحدّثوا إلى «الحياة» استغرابهم من إقدام الحكومة التي تضمّ ممثّلين عن الحوثيين وحزب «المؤتمر الشعبي العام» الذي يرأسه صالح، على إصدار هذا القرار غير المسبوق، وتراجعها عن تعهدها بصرف نصف رواتبهم الشهرية. وتساءلوا: «إذا كانت الحكومة قادرة على دفع قيمة السلع الأساسية والغذائية للتجّار من رواتبهم، فلماذا لا تدفعها مباشرةً إلى الموظّفين؟! وماذا يفعل الموظّفون حيال التزاماتهم الأخرى المتمثّلة في نفقات المعيشة والصحة والتعليم والمواصلات؟!». كما تساءل موظّفون عن مصير بلايين الريالات اليمنية التي أعلنت الحكومة ذاتها تحصيلها خلال الفترة الماضية، في وقت تزعم أن عجزها عن دفع الرواتب يعود إلى تراجع الإيرادات بحدة ونقص السيولة النقدية ونقل مقرّ البنك المركزي اليمني إلى عدن. وكشفت وثائق قدّمتها حكومة الانقلاب إلى البرلمان، أن الإيرادات العامة بلغت في 2016 نحو 901 بليون ريال يمني (نحو 3.6 بليون دولار) منخفضةً بنسبة 59.6 في المئة عن عام 2014. كما بلغت إيرادات النفط في العام ذاته 53 بليون ريال متراجعة بنسبة 94.9 في المئة نتيجة التوقّف النهائي لعائدات النفط والغاز، باستثناء الغاز المحلّي (المنزلي) والذي أصبحت عائداته تورّد إلى فرع البنك المركزي في مأرب التابع للحكومة الشرعية منذ أيلول (سبتمبر) الماضي. وأكدت الوثائق أن إيرادات مصلحة الجمارك بلغت في 2016 نحو 89 بليون ريال بانخفاض نسبته 21.2 في المئة عن 2014، كما قدّرت إيرادات مصلحة الضرائب في العام ذاته ب428 بليون ريال بانخفاض نسبته 21.2 في المئة عن العام ذاته، وتراجعت إيرادات المنح الخارجية نحو 99.2 في المئة في 2016 مقارنةً ب2014. وكشف «مشروع خطة الإيرادات وحتميات النفقات المتوقّعة للربع الثاني 2017»، أن نفقات المجهود الحربي للحوثيين وصالح تبلغ 10 بلايين ريال شهرياً، والغذاء والكساء لمنتسبي وزارة الدفاع 3.6 بليون شهرياً، والغذاء والكساء لمنتسبي وزارة الداخلية 1.5 بليون شهرياً، ونفقات ما يسمّى «المجلس السياسي الأعلى» 50 مليون ريال شهرياً، ومستحقات نوّاب رئيس الحكومة والوزراء خمسة ملايين شهرياً. وتعهد بن حبتور أمام البرلمان أن تكون «نفقات التصدّي للحرب المتمثّلة في الأغذية والملابس للدفاع والأمن وتكاليف المجهود الحربي وقيمة استهلاك المشتقّات النفطية خصوصاً للوحدات الأمنية والعسكرية» في صدارة أولويات النفقات، تليها مستحقّات الموظّفين من الرواتب والأجور، ثم النفقات الضرورية لتشغيل أجهزة الدولة «وعند حدودها الدنيا»، ونفقات خدمات الدَين العام (الأقساط والفوائد). وقال إن الإيرادات المتوقّعة في الربع الثاني تبلغ 106 بلايين ريال، الإنفاق 381 بليوناً، والعجز 275 بليوناً، والتمويل المتوقّع 45 بليوناً، وفجوة التمويل 230 بليوناً. وتوقّع تقرير حكومي جديد أن يؤدّي استمرار الركود الاقتصادي إلى جانب ارتفاع المستوى العام للأسعار في ظل ارتفاع معدّل نمو السكان، إلى حدوث تراجع أكبر في مستوى دخل الفرد، وبالتالي ارتفاع نسبة السكان تحت خط الفقر لترتفع من 62 في المئة عام 2014 إلى نحو 85 في المئة هذه السنة. ونتيجة لاستمرار تراجع النشاط الاقتصادي ودخول الاقتصاد مرحلة الكساد المُقلق، توقّع التقرير أن يرتفع معدّل البطالة في 2017 إلى ما لا يقل عن 60 في المئة استمراراً لارتفاعه من نحو 50 في المئة عام 2015 إلى 56 في المئة عام 2016. وفي ما يتعلّق بالتضخّم توقّع التقرير أن يواجه الاقتصاد اليمني مشكلة دخوله مرحلة الركود التضخّمي بسبب استمرار التراجع في حجم الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، في وقت يستمرّ معدّل التضخّم في الارتفاع أيضاً، إذ يتوقّع ارتفاع الرقم القياسي العام لأسعار التجزئة بمعدّل 15 في المئة هذا العام مقارنةً بارتفاعه بمعدّل 8.5 في المئة عام 2016 و24 في المئة عام 2015، ما يعني ارتفاع المستوى العام للأسعار هذا العام مقارنةً بعام 2014 بمعدّل 54.7 في المئة. ورجح التقرير الحكومي أن ينخفض الناتج المحلي الحقيقي من 7309 بلايين ريال عام 2014 إلى 4027 بليوناً عام 2017 وبمعدّل تراكمي يصل إلى 45 في المئة كنتيجة طبيعية لاستمرار الحرب، ما ترتّب عليه انخفاض متوسّط نصيب الفرد من الناتج المحلي عام 2017 عمّا كان عليه عام 2014 بمعدّل تراكمي يصل إلى 51 في المئة.