في تجربة فريدة من نوعها على المستوى المحلي، استضاف مقهى هافانا في مكة مساء أول من أمس (الخميس) الشاعرة البريطانية لوسي هاملتون، والشاعر العربي عدنان الصائغ، كأول أمسية شعرية مفتوحة وحيّة على شبكة الإنترنت من لندن مباشرةً إلى الجمهور في مقهى هافانا، وكذلك عبر شبكة الإنترنت؛ إذ تابعها عبر موقع المقهى كثير من المهتمين من المملكة والكويت والإمارات وبريطانيا والمغرب العربي. قرأت الشاعرة البريطانية في الأمسية التي حضرها جمهور نوعي ملأ المقهى قصائد من كتابها «سوناتات إلى أمي»، فيما قام الشاعر الصائغ بقراءة الترجمة العربية للقصائد التي ترجمها الشاعر والناقد السعودي سعود السويداء. في بداية الأمسية تحدثت هاملتون عن سعادتها بهذه التجربة، وألقت السلام على الحضور باللغة العربية، كما قالت بالعربية أيضاً: «شكراً لكم»، بعدها تحدّث الشاعر عدنان الصائغ عن الشاعرة، وعن قصائد «السوناتات» كونها قصائد تعتمد تقنيةً فنيةً صارمة، ملتزمةً بالقافية والوزن. وتناول الصائغ فكرة الموت وروح الأم الحاضرة في القصائد، مستشهداً بمقاطع لمحمود درويش، وبدر شاكر السياب، ثم عادت الشاعرة لتقرأ مقدمة عن كتابة السوناتات، وعن تجربتها الخاصة، موضحةً اختيارها كتابة هذه التجربة الخاصة بطريقة السوناتات، كي تمتحن خصوصية تجربتها أمام مرض والدتها، وموتها فيما بعد، مضيفةً أنه كان يمكنها أن تكتب عن تلك المشاعر بطريقة الشعر الحر، لكنها وكأنما أرادت أن تقبض على ألمها الخاص من خلال قيد القافية الصارمة. بعد ذلك أعاد مقدم الأمسية القاص علي المجنوني قراءة شهادة الشاعرة على الحضور في المقهى باللغة العربية، قبل أن تبدأ الشاعرة في إلقاء قصائدها (سبعة نصوص) التي تميزت بحميميتها وعاطفتها الشديدة، وتوقفها الشجي أمام علاقتها بأمها المريضة وهي تقترب من الموت، وسط تفاعل الحضور مع تلك القصائد، إذ قاطعوها بالتصفيق، إضافة ثلاث قصائد أخرى ترجمها الفنان والمترجم علاء جمعة، وقد قام الشاعر الصائغ بقراءة الترجمات بعد كل قصيدة بعد مراجعتها مع الشاعرة مسبقاً. في المداخلات تحدث المترجم خلف القرشي مع الشاعرة حول ترجمة الشعر، وهل تعتقد أن الترجمة يمكنها أن تحتفظ بروح القصيدة بلغتها الأصلية؟ وأجابت بأنها تثق بأن المترجمين منحوا قصائدها مزيداً من الجماليات، كما تحدث أستاذ الأدب الإنكليزي في جامعة أم القرى الدكتور أحمد الغامدي شاكراً الشاعرة على قصائدها الجميلة، وسألها حول مدى تأثير التجربة الخاصة بمرض أمها في قصائدها، كما تحدث الشاعر أحمد البوق عن أهمية الترجمة، وكونها تقدم خدمة شديدة لإحداث التواصل الأدبي، فيما قام مقدم الأمسية بتقديم ترجمة لردود الشاعرة على المتداخلين، جاءت فيها إجابة لسؤال حول أعمالها الجديدة، وقالت إنها بصدد ترجمة ملحمة جزائرية عن إحدى المقاومات الجزائريات من اللغة الفرنسية إلى اللغة الإنكليزية. الأمسية تميزت بالحضور الجيّد والنوعي، إذ حضر بعض الأدباء والمهتمين بالشأن الثقافي من جدة والطائف، وفي ختامها قدّم مدير المقهى الشاعر حامد سليمان بشكر الشاعرة والشاعر الصائغ ومقدم الأمسية والحضور جميعاً سواء الحضور المباشر أو ذلك الحضور من خلال الشبكة. يذكر أن مقهى هافانا الثقافي سبق وأن استضاف الشاعر الصائغ شارك معه فيها الناقد المعروف سعيد السريحي، ويرى القائمون على المقهى أنهم يكرسون من خلال استخدام التقنيات الحديثة في التواصل مبادرة ثقافية جديدة تحاول أن تقدم فضاءً بديلاً، خصوصاً أن المملكة تعيش ثورةً أدبيةً واعدة. كما أن المقهى يقوم أساساً على قناعة مشتركة بين مجموعة من المثقفين المؤمنين بأهمية وضع مفهوم المقهى في الإطار المناسب للعمل الثقافي، وتطارح الآراء والأفكار في جوّ من الحميمية والألفة، وقد ولدت فكرة استضافة شعراء أجانب من أوروبا والعالم، أثناء لقاء الشاعر عدنان الصائغ مع المشرفين على المقهى وطموحهم بالانفتاح على ثقافات العالم، وتجاربه الإبداعية الحية.