دمشق - أ ف ب - يستعيد العرض البلجيكي «ذاكرة»، الذي قدم مساء أول من أمس في دمشق، قصة اغتيال قادة فلسطينيين شغلوا مناصب ممثلي منظمة التحرير الفلسطينية في باريس وروماوبروكسيل، إذ تحكي ثلاث نساء في مونولوجات منفصلة، سيرة تلك الاغتيالات كما شهدنها من منظور العلاقة الشخصية. النساء الثلاث هن الفرنسية ماري كلود الهمشري زوجة محمود الهمشري الذي اغتيل في باريس عام 1973 على يد الموساد الإسرائيلي في سلسلة عمليات انتقامية بعد عملية ميونيخ. ثم ليلى شهيد، المناضلة الفلسطينية المقربة من عز الدين القلق ممثل المنظمة في باريس الذي اغتيل عام 1978 من قبل طالب فلسطيني ينتمي إلى جماعة «أبو نضال»، والثالثة هي الفرنسية برناديت رينبو، زوجة نعيم خضر الذي اغتيل في بروكسيل عام 1981. وتشير الهمشري في روايتها عن زوجها إلى اغتيال وائل زعيتر ممثل المنظمة في روما عام 1972، فتقول: «اغتيل من قبل الموساد أثناء عملية «غضب الرب»، العملية الانتقامية المزعومة من طرف إسرائيل». وفي حكايات الزوجات لن نعثر فقط على قصص الاغتيال، بل سنتعرّف إلى تلك الشخصيات عبر علاقة إنسانية ونظرة مقربة. هكذا ستروي ماري كلود (أدت دورها الممثلة كارولين روتير) حكاية تعرفها الى زوجها الذي أصرت بعد مقتله على حمل اسمه، والذي كتبت صحيفة فرنسية خبر اغتياله كإرهابي كما تقول. وتروي أيضاً كيف زارت المخيمات الفلسطينية في الأردن، ثم تحكي قصة مؤثرة عن ابنتها آمنة، التي جاءتها ذات يوم لتقول لها إن أباها كان شريراً. أما ليلى شهيد (أدت دورها هيلو ويلز) فتحكي عن ولادتها في بيروت بعد النكبة، ثم تستعيد حكاية والديها ونفيهما، وتسرد شيئاً من نضال أبيها، وشيئاً من جمال مدينته عكا، كما تحكي عن نضال أمها التي تتحدر من القدس. وصولاً إلى حكاية عز الدين القلق، ومسقط رأسه الحيفاوي، ومن ثم قصة اغتياله. برناديت رينبو (أدت دورها إينا غيرتز) تحكي إضافة إلى عملية اغتيال خضر، زيارتها لقريته الزبابدة في جنين، والواقع المريع الذي عاشته القرية تحت الاحتلال. ولدى سؤاله عن اختياره تقديم العرض من دون حركة أو أفعال على المسرح، إذ انقضى الأمر بمجرد إلقاء القصص على الجمهور من وراء الطاولة، قال المخرج رودي مولومانز: «المسرح هو أولاً أفكار، وثانياً هذا اللقاء التشاركي بين المنصة والجمهور». أما عن كتابته للعمل، التي اعتمد على شهادات زوجات القادة الفلسطينيين، فقال المخرج والمؤلف: «لقد تحدثت بالفعل إلى ماري كلود وبرناديت وليلى شهيد، بالإضافة إلى البحث التاريخي، ثم هنالك إضافات الممثلات على النص». وعن انطباعات أقارب الضحايا لدى مشاهدتهم العرض، قال المخرج: «لقد تعرفت الأرملتان إلى بعضهما لدى مشاهدة أحد عروض المسرحية ببلجيكا، كذلك فإن جيلاً شاباً من عائلة نعيم خضر قد تعرف إلى حكايته مجدداً لدى عرضنا في عمان». السفيرة البلجيكية في دمشق فرانسواز غوستان قالت لوكالة «فرانس برس» رداً على سؤال: لماذا العرض في دمشق الآن: «جاء العرض ضمن احتفالية فلسطينية باسم «مسارات» قام بها المركز الثقافي في بروكسيل عام 2008، ولأن المسرحية تخص العالم العربي، كان مهماً أن نعيد تقديمها مع جمهور عربي». وعما إذا كان العرض نوعاً من تبن لوجهة النظر الفلسطينية: قالت غوستان: «إذا كان السؤال عن الجانب السياسي فنحن ندعم وجود دولة فلسطينية، وندعم مشاريع في هذا السياق». حسين الشاذلي (طالب تمثيل فلسطيني) قال: «أحببت أن يطرح الموضوع من خلال الزوجات، الأكثر قرباً لهؤلاء، هذا أغنى المادة المكتوبة». وأضاف: «كون المادة تقال على ألسنة ممثلين أجانب فهذا شيء قوي وأكثر تأثيراً». وقال أحمد كيكي (طالب تمثيل): «السرد نوع من أنواع الأداء، ووجدت الممثلات يقدمن بشفافية، ومن دون انفعالات، ما أعطى العرض تأثيراً أكبر، ذلك يتيح الفرصة لتخيل الصورة». وختم كيكي: «إنه نصف عرض، أما النصف الآخر فهو لدى الجمهور».