عشية انتهاء مهلة تقديم ترشيحات المتنافسين، تدخل انتخابات البلديات في المغرب المقررة في 12 حزيران (يونيو) المقبل طوراً جديداً يطاول الصراعات بين عشرات الآلاف من المرشحين المستقلين والمنتسبين إلى الفعاليات السياسية في الموالاة والمعارضة. وعلى رغم أن محاكم إدارية أصدرت قرارات لجهة قبول طلبات مرشحين غيّروا ولاءاتهم السياسية، ضمن ما يُعرف بظاهرة «النوّاب الرحّل»، فإن لجوء بعض منافسيهم إلى تقديم طعون في قرارات القضاء أفسح في المجال أمام استمرار الجدل السياسي والقانوني حول مثل هذا الإشكال الذي يؤثر بطبيعة الحال في نتائج الاقتراع. وكشفت مصادر حزبية ل «الحياة» أن اجتماعاً ضم أحزاب الغالبية النيابية، وهي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية والأصالة والمعاصرة، اهتدى إلى تلك الصيغة لتجاوز مخاطر التصدع الذي تواجهه حكومة رئيس الوزراء عباس الفاسي جراء تهديدات بسحب الثقة منها. وقالت المصادر إن الرأي استقر على إرجاء طرح الخلافات القائمة بين مكوّنات الغالبية النيابية إلى ما بعد استحقاقات 12 الشهر المقبل، أكان ذلك على صعيد احتواء خلافات نشأت بين الاستقلال والاتحاد الاشتراكي بسبب تباين المواقف حول توقيت الدعوة الى إقرار اصلاحات دستورية، أو على مستوى التنسيق لمواجهة المعارضة المتمثلة أساساً في حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي. غير أن ذلك لم يحل دون ظهور صراعات أكثر احتداماً بين منتسبين إلى الغالبية النيابية نفسها للفوز بمنصب العمدة في مدن عدة. واستُخدمت في تلك الصراعات شتى الأوصاف والنعوت التي توزعت بين «التجاوزات المالية» و «التورط في فضائح أخلاقية». إلا أن المعنيين بمثل هذه الاتهامات عزوا إطلاقها إلى «صراعات انتخابية» استخدم فيها «الضرب تحت الحزام». ولاحظت المصادر أن استحقاقات البلديات ارتدت أهمية خاصة في ضوء الصلاحيات التي خوّلت للمجالس البلدية في المدن والأرياف بعد تغيير «الميثاق الجماعي» الذي كان أقر في عام 1976 وعوّض بقوانين واجراءات في عام 2002 اعتبرت أكثر تطوراً. كذلك ازدادت أهمية هذه الانتخابات في ضوء الإعلان عن عزم السلطات استحداث محافظات جديدة والسعي إلى بلورة «نظام جهوي» يقترب من نمط الحكم الذاتي، وإن كان الأرجح أن يقتصر في مرحلة أولى على المحافظات الصحراوية. وكان حزب الاستقلال بزعامة عباس الفاسي حاز المرتبة الأولى في اقتراع 2003، ولا يزال يتوق إلى تثبيت نفوذه السياسي الذي تعزز أكثر في الانتخابات الاشتراعية لعام 2007 التي احتل فيها المقاعد الأولى في البرلمان. وفيما تراجع الاتحاد الاشتراكي الى المرتبة الرابعة في تلك الاستحقاقات، بدا أن حزب الأصالة والمعاصرة الذي أسسه الوزير السابق المنتدب في الداخلية فؤاد عالي الهمة يسعى إلى «خلخلة» المشهد السياسي، خصوصاً في ضوء انضمام نواب من أحزاب أخرى إلى صفوفه، ما جعله يكاد يقترب من المرتبة الأولى في عدد المقاعد. الا ان الانتقادات التي وجّهت إلى الحزب ركّزت على استقطاب «نوّاب رحّل» من أحزاب منافسة، ما أثار جدلاً قانونياً حول امكان الحؤول دون ترشيح «النوّاب الرحل».