يقدم برنامج «كلام هونيك ناس» على قناة «أو تي في» اللبنانية، نمطاً جديداً من برامج الحوار الكثيرة جداً على التلفزيونات بكل صنوفها وتوجهاتها. الجديد هنا، هو دمج برامج الحوارات التي يفترض أنها رزينة مع رجال يتعاطون السياسة والشأن العام، بالبرامج الكوميدية الساخرة الحاضرة بقوة على الشاشات اللبنانية بعدما استنسخت الفرق الكوميدية نفسها لتقلد برنامجين أساسيين كانا سبّاقين الى هذا النوع من البرامج هما «بس مات وطن» على «أل بي سي»، و«أس أل شي» الذي كان يقدم على «أم تي في» قبل إقفالها وانتقاله الى «المستقبل» باسم «لا يمل». والجديد في «كلام هونيك ناس» أيضاً، هو أن مقدّمه زياد سحّاب لم يأت من عالم التمثيل، بل جاء من عالم الموسيقى الذي أخذه باكراً وراح يعزف ويؤلف ويلحن أغاني تعرف في لبنان بأنها «وطنية»، أي تلك الأغاني التي تغني للوطن والشعب وبخاصة الفئات الفقيرة و«الشحادين». وأحضر سحّاب عدداً من زملائه الموسيقيين معه الى البرنامج ليكون لهم في بعض أوقات الحلقات حضور عزفاً و«قفشات». فكرة البرنامج تقوم على نقد برامج الحوار نفسها، من خلال تظهير سحاب نفسه مرشداً «اعلامياً» لزوجته ايزابيل نون «المعجبة» بالاعلامي مارسيل غانم مقدم برنامج «كلام الناس» على «أل بي سي»، ويعطيها توجيهات لتغدو نظيرة لمارسيل، بضحكه وساعة يده... وكل ذلك أمام الجمهور والضيف السياسي طبعاً، الذي يدخل في لعبة السخرية من كل شيء ويجيب عن أسئلة بعضها عفوي وبعضها مركب. البرنامج بدأ يلقى استحساناً عند الجمهور ولا يشعر من يتابعه بملل، بل يجد نفسه متشوّقاً لرؤية القفشة المقبلة أو السؤال الجديد وإجابة الضيف عنه. ولكن على رغم ذلك يجد بعض الجمهور في أداء زياد سحاب تقليداً لزياد الرحباني الذي سبقه بعقود إلى تقديم مسرحية كاملة متكاملة قوامها السخرية من الفن الذي صنعه أهله (الرحابنة) أولاً ومن الاعلاميين ثانياً ومن المنتجين ثالثاً ورابعاً وأساساً اللبنانيين الطائفيين المذهبيين الذي يعجزون حتى عن تقديم مسرحية يقولون فيها ولو تمثيلاً إنهم إخوة. كل هذه الأمور التي يحاول سحاب الحديث عنها، قدّمها زياد الرحباني قبل أن يولد، وما برحت الأجيال الجديدة تسمعها وتتعلق بها. ولعل إعادة قولبتها لئلا نقول تقليدها من قبل سحاب وتقديمها تلفزيونياً، قد تؤدي في نهاية المطاف إلى ايجاد مبدع جديد على طريقة زياد الرحباني في كل شيء: الكتابة والتلحين والمسرح وطبعاً التلفزيون.