لم يعد مستغرباً أن تسمع من مسؤول ما وفي برنامج مباشر أن يصبّح عليك ويمسي على ضيوفك في آن واحد هذه فقط آخر السقطات وما قبلها كثير. عندما يعجز المرء عن الحديث أحياناً أو تخونه العبارة ويكون ذلك خارجاً عن إرادته يُعذر وتتقبل هفوته، لأنه لم يعهد منه إلا راقي القول وجميله حتى في أحلك الظروف أو أشدها قسوة. لكن أن يتكرر ذلك ويجعل المرء من نفسه مادة التسلية والتندر لأنه أطلق عبارات ليس لها معنى أو غاية، فذلك لابد أن يقال له: «ليته سكت!»، لأن الصمت حكمة دائماً. ولم يثبت أنه جر على صاحبه مذمة ولا شتماً. من هذا المنطلق أجد أن الكل الآن يركز على بعض رؤساء الأندية أثناء وعقب المباريات، وينتظر حركاتهم وسكناتهم ثم يستمع بعدها إلى تصريحاتهم وما بها من درر قد تكون محل إعجاب أو مصدر تندر وضحك طوال الموسم. وفي هذه فليتنافس المتنافسون، إذ إن النتيجة واضحة للعيان. رسبت الغالبية وبجدارة، وهل ننسى من أخرج لسانه تهكماً، ومن قال إنه صديق نفسه، وعاد ليصبّح على المقدم ويمسي على الضيوف. ليس لزاماً بعد المباريات أن يصرح رئيس النادي للإعلام، خصوصاً المرئي منه ما دام أنه لا يجيد الكلام أو تغلبه العاطفة والانفعال وقد تخرجه عن النص أو تهوي به في مزلق أن يصبح ما يصرح به موضع سخرية ونكت وتعليقات يتفتق عنها الذهن وتتناقلها المنتديات ورسائل الجوال ويرسمها الكاريكاتوريون في صور فكاهية تجعله في وضع لا يحسد عليه، إن كان لا يملك الأدوات الإعلامية التي تمكّنه من التصريح الفوري من لغة ومنطق وحسن إدارة لحوار الموقف، خصوصاً عندما يكون الحديث على الهواء مباشرة، ويدَعُ ذلك لغيره ممن لديه القدرة لأننا بصراحة صرنا نسمع العجب. ننتظر تلك اللقاءات فقط لنضحك ونرفه عن أنفسنا بعد شدِّ وجذب المباريات. وكثيراً ما ردّدت الجماهير (يا زينك ساكت، وفشلنا، وما فيه إلا هذا يتكلم)، ومع ذلك لم تؤثر تلك الكلمات فيهم، وظلوا هم من يتحدث ويصرح وكأن المسألة مجرد حب للظهور الإعلامي ليس إلا، وليست مناسبة لعرض وجهة النظر والرد على التساؤلات بطريق حضارية يبدو أن البعض لا يجيدها، لذا انتظروا الإصدارات الجديدة من التصريحات، واضحكوا ما وسِعكم الضحك. [email protected]