أكدت الحكومة العراقية أمس أن اللجنة المكلفة درس مشروع قرار العفو عن موظفين زوّروا شهادات دراسية ووثائق لنيل وظائفهم، اقترحت حصر العفو عن المحكومين بالسجن فقط واسترداد حقوق الدولة المادية، ما رفضته جهات داخل الحكومة وخارجها اعتبرت أن القرار يقوّض جهود مكافحة الفساد. وستقدم اللجنة تقريرها نهاية الأسبوع المقبل، بعد نحو أسبوعين من قرار مجلس الوزراء تشكيلها برئاسة المستشار القانوني للحكومة وعضوية مدير الدائرة القانونية في الأمانة العامة وممثل عن وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى، لتقديم اقتراحات في شأن «العفو عن الموظفين الذين قاموا بتزوير شهادات ووثائق». وقال مستشار رئيس الوزراء علي الموسوي ل «الحياة» إن «اللجنة لم تنه دارستها لمشروع القرار، وستطلع على جميع الآراء المختلفة، وعلى فوائد القرار وسلبياته على الدولة والمواطنين»، مشيراً إلى أن «اللجنة أوصت بأن يكون العفو عن السجن فقط، لكن الموظفين المزورين ستترتب عليهم عقوبات أخرى كالغرامات واسترجاع مرتباتهم السابقة وغيرها». واعتبر معارضة جهات رسمية مثل وزراة التعليم العالي والبحث العلمي و «هيئة النزاهة العامة» قرار العفو «أمراً طبيعياً يسبق أي مشروع قرار في الحكومة، وفي النهاية سيكون هناك تصويت داخل مجلس الوزراء، وإذا حصل القرار على الغالبية، فعلى الجميع تطبيقه والالتزام به». وعن الأسباب الموجبة للقرار، أوضح الموسوي أن «هذه الظاهرة بدأت بعد العام 2004 وصار عدد هؤلاء الموظفين المزورين كبيراً جداً وبالآلاف، بينهم كثير من النساء، بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة. واقتُرح هذا القرار لإعطائهم فرصة أخرى». لكن رئيس «هيئة النزاهة العامة» القاضي رحيم العكيلي اعتبر القرار «مقوّضاً للجهود المبذولة في السنوات الماضية لمحاربة الفساد». ورأى أن «الوقت غير ملائم لإصدار قرار كهذا، لأنه لا يخدم عملية محاربة الفساد ويشجع الآخرين على ارتكاب جريمة التزوير». وقال العكيلي خلال مؤتر صحافي إنه لا يؤيد أي قرار يشمل كبار الموظفين والمرشحين لمجالس المحافظات ممن قدموا شهادات مزوّرة، «انما يجب أن يشمل صغار الموظفين، خصوصاً المفصولين السياسيين الذين قدموا وثائق مزورة بغرض احتساب فترة فصلهم من الخدمة». وأشار إلى أنه لا يؤيد استرداد الرواتب «وانما يتم استرداد الفروقات فقط». أما وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، فحذرت من أن قرار العفو عن الموظفين الذين قدموا شهادات مزورة لتعيينهم «يستنزف سمعة التعليم في العراق»، مؤكدة أن الشريحة المستفيدة من هذا القرار «ستشعر بأنها آمنة من أية عقوبة»، ما يعني ازدياد الفساد. وقال رئيس جهاز الإشراف في الوزارة موفق حمدون: «يجب على الحكومة أن تفسر هذا القرار... وزارة التعليم العالي تكتشف يومياً عشرات الشهادات المزورة وتقوم بتعميمها على الجامعات، وليس لدينا الآن أي حل آخر لمواجهة هذا الموضوع». يُذكر أن عدداً من نواب كتلتي «التحالف الوطني» بزعامة رئيس الوزراء المكلّف نوري المالكي و «القائمة العراقية» بزعامة اياد علاوي أبدوا ترحيباً بالقرار، واعتبروه «من مصلحة البلاد العليا». ورفضوا اعتباره تشجيعاً على الفساد.