«وحده المسلسل التركي لا أستطيع سماع أصوات ممثليه أما باقي البرامج وكل أحاديث العائلة فيمكنني سماعها»، تقول الجدة أم غالب في شكواها لطبيب أمراض الأذن، الذي أصر ابنها على اصطحابها لعيادته، بعد أن بات من الصعب عليه التفاهم مع والدته التي أصيبت بضعف في السمع نتيجة تقدمها في السن. ويقول غالب، وهو موظف في الثلاثين من عمره: «والدتي تبلغ من العمر سبعين عاماً مصابة بضعف في السمع، بحسب الطبيب الذي فحص قدرتها على السمع». ويضيف: «نصحها باستخدام جهاز تقوية السمع (السماعة)، لكنها ترفض استخدامه وتعتبر أن من العيب استخدام مثل هذا الجهاز». وتقطع أم غالب الحديث لتصيح بصوت مرتفع: «لست بحاجة إلى سماعة، أذنيّ لا ينقصهما شيء». لا يكترث غالب لانتفاضة والدته ويكمل حديثه: «يبدو أنها تأقلمت مع حالة ضعف السمع لديها، وباتت تعتمد أسلوب قراءة حركة الشفاه لتفهم الكلام، وهذا ما جعلها تستوعب أحاديثنا وبرامج التلفزيون التي تبث باللغة العربية، ولذلك لم نستطع أن نكتشف مشكلتها إلاّ مع البرامج المدبلجة». وتواجه الأسرة التي يتواجد فيها مسن يعاني من ضعف في السمع مشكلات متعددة منها الضجيج الناتج عن رفع المسن لصوت التلفاز أو الراديو من دون أن يشعر بمضايقته لباقي أفراد الأسرة، يضاف إلى ذلك صعوبة إيصال المعلومات إليه وانخفاض قدرة المسن على التواصل مع الناس والمشاركة في أحاديثهم. وتوضح الاختصاصية في مجال السمع والنطق بشرى قسومة: «يقدر عدد المصابين بحالة ضعف السمع في سن الشيخوخة ب700 ألف مصاب في سورية، 50 في المئة منهم تجاوزوا عمر السبعين ومعظمهم من الذكور». وتشير التقديرات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية في عام 2005 إلى إصابة 278 مليون شخص في جميع أنحاء العالم بحالات معتدلة أو بالغة من فقدان أو ضعف في السمع في كلتا الأذنين، وأنه تقلّ نسبة المستفيدين من المعينات السمعية في البلدان النامية عن 1 على 40. ويرجع الاختصاصيون انخفاض نسبة الاستفادة من هذه الأجهزة إلى نقص في وعي المرضى لأهميتها، ويقول مدير مركز لبيع أجهزة تقوية السمع، أحمد رضا الحلبي: «هناك صعوبة في تقبل المرضى فكرة استخدامهم أجهزة تقوية السمع (السماعات)، فالنظرة إليها لا تزال قاصرة، على رغم أن غالبية كبار السن يستخدمون النظارة التي هي جهاز مشابه في وظيفته للسماعة، فكلاهما يساعد في التغلب على ضعف الحواس نتيجة التقدم بالعمر أو لأسباب أخرى». ويلفت الحلبي إلى أن النساء «يرفضن استخدام السماعة أكثر من الرجال». ويقول: «مهما تقدمت السيدة في العمر تبقى حريصة على شكلها الخارجي ومظهرها، وعلى رغم وجود أنواع متطورة صغيرة الحجم وبالكاد تظهر، يرفض كثيرون من المسنين استخدامها». رفض استخدام أجهزة تقوية السمع لا يأتي دوماً لسبب اجتماعي يتعلق بالمظهر، فثمة أسباب اقتصادية تحول دون استخدام بعض المرضى لتلك الأجهزة، إذ تبلغ تكلفة شراء السماعة حوالي 20 ألف ليرة سورية أي ما يزيد عن 400 دولار، إلا أن هذا المبلغ يعتبر ثمناً معقولاً من وجهة نظر الاختصاصين «لأنه يسهم في تحسين نوعية حياة المسن الذي يشعر بالعزلة نتيجة تأثير الإعاقة السمعية على قدرته في التفاعل مع محيطه». وينصح الأطباء أسرة المصاب بضعف في السمع بالتحدث معه وجهاً لوجهه ببطء وبصوت واضح بعيدا من الصراخ، والاستعانة بضوء مرافق لجرس الهاتف أو الباب للفت انتباهه، وإيجاد طريقة لإقناعه بزيارة الطبيب لتشخيص حالة ضعف السمع باكراً، واستخدام السماعة إن لزم الأمر.