على رغم تحديد جلسة لمجلس الوزراء اللبناني بعد غد الأربعاء يتصدر جدول أعمالها بند شهود الزور، كما تريد المعارضة، استمر السجال السياسي حول المحكمة الدولية والقرار الظني المرتقب صدوره عنها قريباً، وواصل فريق المعارضة حملته عليها مكرراً موقفه من أن أي معالجة يجب أن تأتي قبل القرار الظني. واستبعد الرئيس السابق للحكومة سليم الحص «تحول الخلاف السياسي الى انزلاقات في الشارع»، وأسف في حديث الى إذاعة «صوت لبنان- الضبية» بعد عودته من السعودية حيث كان يتلقى العلاج، لاستمرار الأزمة السياسية، وقال: «المطلوب من اللبنانيين أن يتضافروا وأن يركزوا على دورهم في العالم العربي والعالم أجمع». ورأى الحص أن «المطلوب هو موقف قيادي أو دور قيادي في العالم العربي يعيد للعرب مكانتهم في العالم»، واصفاً المسعى السعودي- السوري ب «الطيب»، وتمنى له «النجاح الكامل لأن فيه مصلحة العرب جميعاً»، وقال: «الأزمات أصبحت جزءاً من حياتنا في لبنان لا نعلق أهمية كبيرة عليها، فهي تعبر ولا يتأثر لبنان بها في الجوهر»، لافتاً الى أن «هناك مبالغة شديدة في التحذير من انعكاسات سلبية على الشارع والوضع العام في لبنان، وأنا لا أرى أن هناك لبنانيين يهمهم الدخول في معركة مع أشقائهم». وعن تداعيات القرار الاتهامي في حال عدم حصول تسوية، قال الحص: «سينقسم اللبنانيون الى فريقين حول هذه المسألة، لكن لن تكون هناك صدامات أو تقاتل أو مشاكل كما يشاع»، وقال: «لسنا في حاجة الى طائف جديد، بل الى تطبيق اتفاق الطائف». واعتبر نائب الأمين العام ل «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم في مجلس عاشورائي في البسطة، أن «لبنان يواجه اليوم مؤامرة المحكمة الخاصة، وأقول لبنان يواجه لأن المحكمة الخاصة ليست ضد حزب الله فقط وإنما ضد استقلال لبنان، وهي تريد أن تسخر هذا البلد لخدمة المشروع الإسرائيلي، ولعلكم أطلعتم على بعض وثائق «ويكيليكس» التي تفضح وتبيِّن طبيعة المشروع الأميركي في كل المنطقة». ورأى أن «قرار إنشاء المحكمة من البداية كان يستهدف لبنان وسورية والمقاومة، وهذا ما كشفته الأيام، وعلينا أن نواجه هذه المؤامرة ونمنعها، ونضع حداً لها». وتابع ان «آخر ما تفكر به أميركا اليوم هو كشف المجرمين الذين قتلوا الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لأنهم يعرفون المجرمين، وهم يخبئونهم عن الأنظار، وهم الذين تآمروا من أجل أن تحصل هذه الجريمة»، لافتاً الى أنه «بحسب إجراءات المحكمة وقانونها لبنان هو البلد الوحيد الملزم بالتعاون مع المحكمة بالكامل، ولا إلزام لأي دولة في العالم أن تتعاون مع المحكمة». وقال: «المطلوب اليوم هو أن نعمل من أجل حل هذه المشكلة التي تخص لبنان بأكمله، لنقوم بجردة حساب: ماذا خدمت المحكمة ومقدماتها لبنان خلال السنوات الخمس الماضية؟ كل التوترات والمشاكل وعدم الاستقرار السياسي وسقوط الحكومة وما جرى إلى إتفاق الدوحة، والهجوم الإسرائيلي والاعتداء على لبنان في تموز (يوليو) 2006، كل هذه الأمور التي حصلت هي جزء من مخطط المحكمة التي تجمع كل هذه العناوين». وأضاف: «فتشوا عن طريق آخر لكشف الحقيقة، إذا لم يبدأ التحقيق من إسرائيل ومع إسرائيل لا حقيقة، إذا لم يبدأ التحقيق من شهود الزور ومن صنَّعهم ومن دفع لهم، ومن أواهم، ومن غطى عليهم، لا حقيقة، إذا لم يحسم مجلس الوزراء خياره بكل جرأة وشجاعة ويحيل هذا الأمر الى المجلس العدلي أو يتخذ أي قرار، فإننا لا نكون بدأنا بكشف الحقيقة على الإطلاق، البعض يقولون أنهم متخوفون فإذا ذهب ملف شهود الزور إلى المجلس العدلي سيتأخر القرار الظني، وإذا تأخر فهل هو مقدس؟، فعلى الأقل شهود الزور إذا كشفناهم وكشفنا من وراءهم تتبين الحقيقة، عندها نحمي القرار الظني من أن يكون منحرفاً». وقال: «نحن مرتاحون على وضعنا، نعرف أننا غير معنيين بالاتهام ولا بالإدانة، ورؤوسنا مرفوعة، وأي اتجاه للمحكمة سينعكس سلباً على غيرنا وليس علينا». وأكد وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش أن «حزب الله سيشارك في جلسة مجلس الوزراء إذا كان موضوع بت قضية الشهود الزور موجوداً على جدول أعماله»، وقال في مجلس عاشورائي: «لن نناقش أي أمر قبل بت هذه القضية وهذا حقنا والمصلحة الوطنية تقتضي ذلك». وقال: «حين تدعو المعارضة إلى توافق داخلي قبل صدور القرار الظني فذلك بسبب حرصها على مصلحة هذا الوطن واستقراره ومناعته وعلى قطع الطريق على أي شكل من أشكال الفتنة والانقسام». وشدد على «وجود الفرص للمعالجة، والفرصة الموجودة اليوم هي المسعى السوري - السعودي الذي يوفر مناخاً ايجابياً ملائماً ولكن المطلوب هو الاستفادة من هذا المناخ». وقال عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض: «أصبحنا الآن في الربع الساعة الأخير من مرحلة الانتظار، قبل أن ننتقل إلى مرحلة أخرى بعدما انتظرنا طويلاً ولم نترك على مدى الأشهر الماضية وسيلة للتفاهم إلا وطرحناها، وإذا أمعن البعض في خيار تجويف الوفاق والتفاهم وظلوا يمارسون لعبة تضييع الوقت والهرب الى الامام في سبيل أن يصلوا إلى لحظة صدور القرار الاتهامي، فساعتئذ لا خيار لنا إلا أن نواجه كمعارضة وطنية لبنانية محاولات الفتنة منفردين، ونحن لدينا كل ثقة بأننا قادرون على أن نجهض هذه الفتنة». الى ذلك، رأى عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية نواف الموسوي، في مجلس عاشورائي في قانا أن «إصرار الفريق الآخر على رفض كل الإجراءات والمساعي التي قام بها حزب الله للحؤول دون عدوان المحكمة الدولية، إنما يظهر بوضوح أن البعض في لبنان لا يريد تفاهماً ولا وفاقاً»، معتبراً أن «هذا الموقف يحمل هذا الفريق مسؤولية ما ستؤول إليه الأزمة، وأن الحزب لا يتحمل أي مسؤولية عما ستؤدي إليه المواجهة مستقبلاً لأنه لم يترك باباً إلا وفتحه للخروج من هذا المأزق، لكن الآخرين أصروا على الاستمرار في المؤامرة على المقاومة والمراهنة على الإدارة الأميركية للقضاء على المقاومة». ودعا «كل الدول المعنية بحماية استقلال لبنان وسيادته الى العمل من أجل إبطال هذه المحكمة التي ليس لها هدف سوى استخدامها سبيلاً للغطرسة الأميركية في لبنان وفي المنطقة». ورأى «أن كل صديق وشقيق للبنان بات معنياً بالعمل الحثيث على إبطال ما يسمى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان إذا أراد استقراراً في لبنان وإذا أراد استقلال البلد وسيادته». وقال: «عملنا على خطين هما المسار السياسي لإيجاد تسوية تؤدي إلى تفاهم داخلي يسقط عدوان المحكمة الدولية على لبنان، كما عملنا على كشف حقيقة هذه المحكمة، لكن ما نراه حتى الآن، هو استكبار من قوى سياسية وشخصيات محلية، وإصرار على رفض الحقائق والتمسك بشهود الزور وشهادات الزور وبأدلة الزور».