الروديو رياضة شديدة الإثارة والتشويق وصلت إلى لبنان في الصيف الماضي معيدة صور الغرب الأميركي وعهد الكاوبوي الذهبي. 12 ألف زائر جاؤوا يوميّاً لمشاهدة مباريات الروديو والمشاركة في «مهرجان الغرب الجامح» الذي حط رحاله في منطقة كسروان شمال العاصمة بيروت، وتحديداً في منتجع الرانشو للسياحة البيئية، حيث تستعاد مشاهد من حياة الغرب الاميركي في 3 بلدات مكسيكية وهندية (للسكان الاصليين) وأخرى «بيضاء» على شاكلة «الويسترن». والرانشو مشروع سياحي بيئي يمتد على مساحة 300 الف متر مربع، ويعتمد المعايير الصحية الملائمة للبيئة، لجهة وسائل البناء واستخدام الحجر بدلاً من الإسمنت، الى جانب انتاج المزروعات العضوية. وتقوم رياضة الروديو التقليدية في الغرب الاميركي على ترويض الأحصنة والثيران، ضمن خمسة ألعاب رئيسية وهي ال «Mounted shooting، Chute Dogging، Pole bending، Barrel racing، وBull riding». «الفكرة ليست الأولى في لبنان فحسب بل في الشرق الأوسط»، يقول بول نعيمة، رئيس مجلس ادارة المشروع. ويتابع: «المجازفة بدأت في بطولة الروديو في لبنان التي أقيمت في آب/ أغسطس 2010، أما النتائج، فقد جاءت أكبر بكثير من التوقعات». ويصف نعيمة، الذي عاش في الولايات المتّحدة وتعرَّف هناك الى الروديو، فكرة إقامة حلبة في لبنان بأنها «كانت ضرباً من الجنون لكنها جاءت متكاملة مع مشروع الرانشو الجامع لحضارات الغرب الأميركي والممتد على مساحة 300 ألف متر مربع». ويتابع: «البداية كانت بستّ ألعاب من أصل 21، وهي: ركوب الثيران، ركوب الخيل، سباق الخيل بين البراميل، رمي البالونات أثناء ركوب الخيل، مطاردة الثيران، إدخال الثيران إلى الحظيرة، واليوم أصبح القلق وراءنا بعد كثافة الإقبال جمهوراً ومشتركين». و «المغامرون» الذين تستهويهم هذه الرياضة شباب وشابات من مختلف الاهتمامات المهنية. ويقول نعيمة: «الحدث المفاجئ كان في عدد الفتيات، اللواتي شكلن نسبة 40 في المئة من نسبة المشتركين، لكن عددهن بدأ بالإنخفاض مع دخول التصفيات مراحلها النهائية». ويقول فادي قدوم، ويعمل مخرجاً تلفزيونياً ويرتاد الرانشو لممارسة رياضته المفضلة: «إنه حلم تحقق وأنا لم أصدق ما يحصل». ويعتمد فادي «لوك» الكاوبوي منذ 11 عاماً، فيعتمر القبعة وينتعل الحذاء من دون أن يمارس يوماً هذه الرياضة قبل ان ينطلق منتجع الرانشو. ويقول: «قوة القلب وليست قوة العضلات، والمثابرة على التمارين والتقيد بالتعليمات هي أبرز الصفات المطلوبة لممارسة هذه اللعبة، فيما يشكل احترام الحيوانات، خصوصاً الثيران والخيول، التي تتمتع بذكاء وصبر، أبرزَ الصفات المكتسبة». وتقوم التمارين على فكرة التقرّب من الحيوان للتخفيف من خوف اللاعب، الى جانب تعريفه الى الحيوانات لإنشاء رابط بينهما، بعدها تبدأ مرحلة التعرف الى قواعد اللعب ثم التدرب وتسجيل الأرقام المطلوبة للتأهّل، فيما التعليمات ترتكز على كيفية الحفاظ على سلامة الحيوان اثناء اللعبة. ويروي فادي: «إنها رياضة خطرة، لكنها تُحدث تدفقاً للأدرينالين، وتحمل معها مفاجآت كثيرة من الثيران»، معتبراً أن التفكير بمخاطرها يشكل عائقاً أمام الاستمرار فيها، وهذا ما حصل مع كثيرين ممن انسحبوا بعد فترة وجيزة. ولم يكف تيقظ فادي الدائم لحمايته من بعض تلك المخاطر، ففي إحدى المرات، وبعدما ركض الثور بعيداً، تمكن من الإمساك به ثم فجأة التفّ الحبل على يده وطار في الهواء لمسافة 10 أمتار وبقي الثور يركض وسحبه 10 أمتار أخرى، مسبباً له حروقاً في أصابعه من الدرجة الأولى وتمزقاً في بعض الأوتار، ما أبعده عن التمارين لمدة أسبوعين عاد فادي بعدها إلى ممارسة لعبته المفضلة. وهو لا يزال يحتفظ بحبل تلك الإصابة المضحكة الموجعة. «قوة غريبة مجهولة المصدر تأتيك عندما تهاجم الثور بحماسة كبيرة وبشعور بالتحدي مصحوب بالخوف من عدم توقعك لتصرفاته»، يقول مانويل الهاشم (محام ) عن المواجهة التي توّجها في المسابقة بنيله المركز الأول في لعبة ال Chute Dogging. وتشبه هذه اللعبة تلك الأولى، لكنها تتطلب ربط الثور وتثبيته في الأرض لمدّة تتخطّى ثلاث ثوانٍ من دون أن يستطيع فكّ رباطه. وعبَّر الهاشم عن سعادته لاختطافه لقباً لبنانياً من أيدي أبطال ومشاركين من دول عدة، كسورية والأردن وإنكلترا والولاياتالمتحدة. وكان وزير الرياضة اللبناني علي عبدالله وصف هذه التجربة بأنها نموذج جديد للسياحة الرياضية في لبنان، فيما علق وزير السياحة فادي عبود بالقول: «هذا المشروع يحترم البيئة، ويقدم لنا روح الغرب الأميركي الأصيل ويفتح لنا المجال لنعيش ما يعيشونه في تلك المنطقة من العالم». إشارة إلى أن هذا المشروع أقيم بمساعدة وزارتي الشباب والرياضة والسياحة، وبدعم من السفارة الأميركية في بيروت، التي سهلت وصول عائلة كيسنر بأفرادها الأربعة المعتمرين قبعات رعاة البقر والأحذية الجلدية والثياب المزركشة، برفقة بطل الرماية الأميركي جون هوت شوت، ليكتمل المشهد اللبناني باستعراض من ... «الهنود الحمر».