الضربة العسكرية الأميركية لمطار الشعيرات العسكري في حمص وقبلها مجزرة خان شيخون في إدلب السورية، محور مواقف سياسية وحزبية لبنانية، بعضها شاجب بالمطلق وبعض آخر حصر شجبه ب «العدوان الأميركي». وكان رئيس الحكومة سعد الحريري التقى بعد ساعات على القصف الأميركي للمطار المذكور، سفيرة الولاياتالمتحدة إليزابيث ريتشارد. واكتفى مكتبه بذكر أن البحث تركز على «المستجدات المحلية والإاقليمية والعلاقات الثنائية». ولم تدل الديبلوماسية الأميركية بأي موقف بعد اللقاء. وعبر المكتب السياسي ل «تيار المستقبل»، الذي يرأسه الحريري والذي اجتمع برئاسة نائبه باسم السبع عن إدانته «بأشد العبارات، مجزرة خان شيخون التي ارتكبها نظام بشار الأسد بحق المواطنين السوريين الأبرياء». وشدد على «أن هذه الجريمة الوحشية حلقة في مسلسل إجرامي دنيء يتواصل منذ سنوات، وتشارك فيه جهات إقليمية ودولية، على مرأى من أنظار العالم، الذي نتطلع إلى صحوته من غفوة إنسانية طال انتظارها، فلا يكتفي بالإدانة والتفرج على صور الضحايا في وسائل الإعلام، فيقوم بكامل واجباته ومسؤولياته ويضع حداً لمعاناة الشعب السوري ولمجازر بشار الأسد وشركائه في تدمير سورية وقتل أبنائها وتهجيرهم في أصقاع الدنيا». وعبر التيار عن تضامنه «مع الأشقاء السوريين في وجه الطاغية بشار الأسد وكل من يمده بالعون والتأييد وأدوات القتل والدمار، ويؤكد الترحيب بأي خطوة تكبح جموح الأسد وحلفائه عن ارتكاب المجازر وتقود سورية إلى السلام الوطني وتنهي مسلسل الآلام الذي يتعرض له شعبها، ويرمي بظلاله علينا في لبنان وعلى العالم العربي واستقرار مجتمعاته». وأعلن المكتب السياسي رفضه التام «كل مظهر أمني خارج نطاق المؤسسات العسكرية والأمنية الشرعية اللبنانية». وطالب الرئيس السابق للجمهورية أمين الجميل في حديث تلفزيوني ب «وقف المآسي التي يعيشها الشعب السوري»، معتبراً «أن الاهتراء الذي أصاب الحلول السلمية كان مدمراً لسورية، وآن الأوان لتكون الحادثة الأخيرة ورد فعل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنذاراً وحافزاً ومنطلقاً للأمم المتحدة والأطراف الإقليمية والدولية المعنية لصوغ حل نهائي للمأساة السورية يقوم على الاستقرار والديموقراطية وحقوق الإنسان». وتوقع «عدم بقاء النظام الحالي عنصراً ثابتاً في مستقبل سورية، ولا أعتقد أن هناك دولاً ستدعم سورية طالما بقي النظام مولجاً بإدارة البلاد». وأمل الجميل «بأن يكون الانضباط سيّد الموقف، وأن يتمتع حزب الله بحسّ المسؤولية ويقف وقفة وجدانية حتى لا يُقحم لبنان في أتون الحرب». ودان الرئيس السابق للحكومة سليم الحص «العدوان الأميركي السافر على سورية وعلى سيادة الدولة والآمنين فيها». وقال: «ما ذنب الأبرياء الذين استشهدوا؟ هذه جريمة نكراء ترتكبها دولة تزعم أنها حضارية في حق شعب آمن لم يصب الدولة المعتدية بأي أذى». وأيد الوزير السابق أشرف ريفي «كل خطوة يقوم بها المجتمع الدولي لإنقاذ سورية من هذا النظام، الذي لا يمثل سورية وشعبها. ونقف بإجلال لأرواح شهداء سورية الذين سقطوا بالسلاح الكيميائي في خان شيخون، والغوطة، وبالبراميل المتفجرة في سائر المدن السورية». ورأى عضو كتلة «المستقبل» النيابية سمير الجسر أن «ما يحصل سببه النظام من خلال اللعب مع الكبار وبالكبار، وما يحدث ما كان ليحصل لو لم يتدخل الروس بطريقة مباشرة، ويتدخل بصورة غير مباشرة الأميركي والأوروبي بالتغاضي عن الجرائم التي يرتكبها النظام، مدعياً أنه يقاتل الإرهاب، وهو الذي أوجده، والآن يدفع ثمن ذلك». ورأى ان «للإدارة الأميركية الجديدة حساباتها الخاصة، والضربة محدودة، لكنها بمثابة إنذار وربما تمهد لمقاربة سياسية أخرى مرتبطة بالتسوية والحل السياسي، وفي حال اصطدمت بالحائط فقد نشهد دعماً أميركياً جديداً للثوار». ووصف «حزب الله» القصف الأميركي على مطار الشعيرات ب «الخطوة الحمقاء التي قامت بها إدارة ترامب، ستكون فاتحة توتر كبير وخطير على مستوى المنطقة، وستزيد من تعقيد الأوضاع على مستوى العالم». واعتبر الحزب أنها «عدوان أميركي سافر على السيادة السورية». ورأى «في هذه الجريمة الجديدة إصراراً من الإدارة الأميركية على المضي في المسار العدواني المستمر الذي تسلكه الولاياتالمتحدة الأميركية في مواجهة أمتنا، خدمةً للكيان الصهيوني وتحقيقاً لأطماعه في المنطقة». وأكد أن «هذه الاعتداءات الآثمة لا يمكن أن تؤثر في معنويات الجيش السوري الذي يحقق الانتصارات تلو الانتصارات على الإرهابيين الذين تدعمهم أميركا وأعوانها في مختلف المناطق السورية، كما أنها لن يكون لها أي انعكاس سلبي على حلف المقاومة والصمود الذي يقف إلى جانب الدولة السورية ويعاضدها في حربها المتواصلة ضد الإرهاب». وتوالت على إدانة «العدوان الأميركي» أحزاب لبنانية مؤيدة النظام السوري. ومنها الحزب «السوري القومي الاجتماعي»، الحزب «الشيوعي»، حركة «أمل»، القيادة القطرية لحزب «البعث العربي الاشتراكي». العسكريون المتقاعدون: نريد حقوقنا نفّذ متقاعدو الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي تجمعاً في ساحة الشهداء في قلب بيروت أمس، احتجاجاً على «الأرقام التي تضمنتها سلسلة الرتب والرواتب»، معتبرين أن «الزيادات التي ستشمل رواتبهم غير عادلة ولا تصب في مصالحهم وتهدد شيخوختهم ومستقبل عائلاتهم». ورفع المتقاعدون الأعلام اللبنانية وشعار الجيش «شرف تضحية وفاء»، داعين المسؤولين إلى «العودة عن الخطأ، والتشريع بحق». وشددوا على أن «القوانين هي واجبة التطبيق تحت طائلة المحاسبة». وقالوا: «تتذرعون بعدم وجود الاعتمادات للزيادة على رواتبنا». وطالبوا ب«راتب أساسي يعادل 85 في المئة من راتب الخدمة الفعلية وهو ليس قابلاً للمساومة».