لا تجد نسبة كبيرة من السعوديات حرجاً في فرض شرط في عقود زواجهن، يقضي بإلزام الزوج بعدم منعهن من إتمام دراستهن بعد الزواج. وبعضهن لا يشترطن سوى السماح لهن بإكمال «الدراسة» فقط وأحياناً الالتحاق بوظيفة، ويتعمدن تجاهل أمور أخرى مهمة، مثل توفير منزل خاص، أو يكتفين بطلب مهر «صوري» يكتب في العقد لا يتجاوز في بعض الحالات 10 ريالات (أقل من ثلاثة دولارات)، تاركة لزوجها حرية تحديد قدر المهر الذي سيدفعه لاحقاً بعد عقد القران الذي قد يتجاوز أحياناً 100 ألف ريال (نحو 30 ألف دولار)، إلى جانب المجوهرات. وتقول نوف: «اشترطت في عقد نكاحي أن يسمح لي بإتمام دراستي الجامعية، إذ إنني خشيت أن يقع لي ما حدث لأختي التي منعها زوجها من إتمام دراستها بعد زواجهما». وتضيف: «عندما تقدم زوجي لخطبتي، ربطتُ موافقتي على الزواج بعدم رفضه إتمام دراستي، وهو ما رضي به». وتتابع: «لم يتعلل زوجي بأن الدراسة ستشغلني عن البيت وتربية أطفالي لاحقاً، إذ وافق مباشرة واستطعت إكمال دراستي وأنا الآن في السنة الأخيرة من المرحلة الجامعية». نوف ليست الوحيدة من بنات جيلها في السعودية التي تشترط هذا الشرط في عقد زواجها، فالشابة أفنان لم تتردد في رفض شاب تقدم لخطبتها لرغبتها في إكمال دراستها الجامعية، وتوضح: «حينما طلب خطيبي وأنا في السنة الأولى الجامعية أن يتم زواجنا، أبلغت أهلي رفضي لهذا الأمر، وطلبت تأجيل الزفاف 4 أعوام، لرغبتي في إكمال الدراسة، لكن والدي وصل إلى حل وسط وهو أن يضمن لي ألا يمنعني خطيبي من تحقيق ما أريد بعد الزواج». وتشير إلى أن أهلها اعترضوا على قرارها، لأنهم لا يريدون أن تستمر فترة الخطوبة سنوات طويلة. وتلفت إلى أنه «بعد إصرار عائلتي على إتمام مراسم زواجي صيف هذا العام، اشترطت على خطيبي إكمال دراستي الجامعية، فوافق وحددنا موعداً لزواجنا بعد نحو شهرين من الآن». وفي الوقت الذي أصرت كل من نوف وأفنان على إكمال دراستهما الجامعية بعد الزواج، قررت منى التخلي عن مقعد الدراسة بعد زواجها مباشرة. وقالت: «لم استطع التوفيق بين مسؤولية أسرتي بعد زواجي ودراستي الجامعية، وهذا دفعني إلى التفرغ للمنزل». وتضيف: «لم أندم على ترك مقعد الدراسة، خصوصاً أنني عملت على تثقيف ذاتي من خلال القراءة، إضافة إلى الاطلاع على ما هو جديد من خلال شبكة الانترنت». ويؤكد الخبير في مجمع الفقه الإسلامي أستاذ نظم الحكم والقضاء في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور حسن سفر أن من حق المرأة اشتراط إكمال دراستها في عقد زواجها. ويقول: «يحق للمرأة أن تشترط إكمال دراستها في عقد زواجها إذ أن الأصل في العقود هو الإباحة، وبحكم عملي كمأذون شرعي أجد أن هذا الشرط موجود في 30 في المئة من العقود التي وثّقتها، وأجزم بأن النسبة ستكون أكبر من ذلك، لولا أن عدداً كبيراً من الفتيات بتن لا يتزوجن إلا بعد إنهاء سنة التخرج». ويلاحظ «أن هناك اهتماماً بالغاً بإتمام الدراسة لدى الفتيات، إذ انهن يشكلن النسبة الأكبر من طلاب الجامعات وكليات التعليم العالي في السعودية». ويرى «أنه أحياناً يكون إتمام الفتاة لدراستها العليا محل خلاف مع زوجها، خصوصاً إذا كان هذا الأمر يستدعي التحاقها بجامعة خارج السعودية». ويقول سفر: «لكن كثيرين يتجاوزون هذه المشكلة، خصوصاً أن حلّها ميسر، وهو أن الحكومة تمنح الزوج إجازة استثنائية لمرافقة زوجته الراغبة في الدراسة، وتسهّل له أيضاً إتمام دراسته هو الآخر إذا رغب في ذلك».