استقبل الرئيس حسني مبارك في القاهرة أمس رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني. وذكر بيان مصري أن المقابلة تناولت بحث أبرز القضايا على الساحتين العربية والإقليمية، فضلاً عن العلاقات الثنائية المتنامية بين مصر وقطر بما في ذلك مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والطاقة تنفيذاً لما تم التوصل إليه خلال محادثات القمة التي جمعت الرئيس مبارك وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الشهر الماضي في الدوحة. وجاء ذلك في وقت أصدر مبارك أمس قراراً بتعيين عشرة أعضاء في مجلس الشعب بينهم سبعة أقباط لتحسين تمثيل المسيحيين في البرلمان الجديد بعدما فاز ثلاثة منهم فقط في الانتخابات. ولوحظ أن قائمة المعينين خلت من النائبة القبطية جورجيت قليني التي علت نبرتها في انتقاد سياسات الحكومة خلال البرلمان الماضي، خصوصاً في القضايا التي يكون الأقباط أحد أطرافها. ويلتقي الرئيس المصري اليوم أعضاء الهيئة البرلمانية للحزب الوطني الديموقراطي الحاكم الفائزين في انتخابات مجلس الشعب التي وصمتها مؤسسات المجتمع المدني وقوى المعارضة بأنها حفلت بالتزوير، فيما تستعد المعارضة بمختلف أطيافها للمشاركة في التظاهرة الاحتجاجية التي دعت إليها «الحركة المصرية من أجل التغيير» (كفاية) أمام دار القضاء العالي في القاهرة اليوم الأحد. وتحمل تظاهرة المعارضة اليوم شعار «باطل» في إشارة إلى البرلمان الجديد الذي يعقد أولى جلساته غداً في ظل غياب قوى المعارضة الرئيسة عنه، خصوصاً بعدما أعلنت جماعة «الإخوان المسلمين» وحزب «الوفد» عدم تمثيلهما في البرلمان، وبعدما خرجت أصوات مستقلة بارزة من تشكيلته الجديدة التي سيطر عليها الحزب الوطني الحاكم، مع وجود تمثيل ضعيف لأحزاب المعارضة الصغيرة. وبدا أن قوى المعارضة استعاضت عن غيابها عن البرلمان الجديد بالنزول إلى الشارع، إذ يشارك حزب «الوفد» للمرة الأولى الحركات الاحتجاجية في تظاهراتها، فضلاً عن التقارب اللافت الذي أبداه الحزب تجاه رئيس الجمعية الوطنية للتغيير الدكتور محمد البرادعي الذي نال أيضاً تأييداً كبيراً من جماعة «الإخوان» بعدما تباعدت المسافة بين البرادعي من ناحية و «الوفد» و «الإخوان» من ناحية أخرى على خلفية قراري الأخيرين المشاركة في الانتخابات ودعوة الأول إلى مقاطعتها. وأعلن أكثر من مئة نائب من قوى المعارضة خسروا مقاعدهم في الانتخابات الأخيرة، سلسلة من التحركات القانونية والشعبية لإبطال البرلمان الجديد، وقرروا تنظيم وقفات احتجاجية ومسيرات شعبية للتنديد ب «تزوير الانتخابات»، وهو ما يشكّل تحدياً يتوجب على الحكم مواجهته لتهدئة الساحة السياسية تمهيداً لإجراء الاستحقاق الأهم وهو انتخابات الرئاسة في خريف العام المقبل. وقال المنسّق الإعلامي لحركة «كفاية» عبدالعزيز مصطفى ل «الحياة» إن تظاهرة «يوم الغضب» اليوم تأتي في ذكرى أول نزول للحركة إلى الشارع في عام 2004 وتصادف أنها تواكبت مع اجتماع الرئيس مبارك مع الهيئة البرلمانية للوطني، ما يمنحها «زخماً لأن هدفها الأساسي إعلان رفض وعدم شرعية المجلس المزور»، لافتاً إلى أن كل القوى الوطنية ستشارك في التظاهرة بما فيها الأحزاب الرسمية وبينها حزب «الوفد»، وكذلك القيادي في جماعة الإخوان محمد البلتاجي. وأضاف أن كثيراً من الحركات الاحتجاجية الشبابية ستشارك في تظاهرة اليوم ومنها «الجمعية الوطنية للتغيير» وأعضاء حركة «6 أبريل» ونواب من مجلس الشعب السابق الذين «أُسقطوا بالتزوير». وتوقع مصطفى تضييقاً أمنياً على المتظاهرين، لكنه قال إن «الأمور على الأرض ستحدد إلى أي مدى سيصل قمع الأمن للمتظاهرين». وقال الناطق باسم حزب الوفد مصطفى شردي ل «الحياة» إنه سيشارك في هذه التظاهرة إلى جانب أعضاء آخرين في حزب «الوفد»، معرباً عن اعتقاده بأن «أساليب «الوفد» في المنافسة السياسية ستتغير في الفترة المقبلة في اتجاه المشاركة الشعبية في شكل أقوى». وعن إمكان تنسيق «الوفد» مع الدكتور محمد البرادعي في الفترة المقبلة، قال شردي: «أظن أن من المبكر وضع سياسة عامة لتحرك «الوفد»، لكن الطرق كلها مطروحة الآن في ضوء ما حدث من تزوير فاضح في الانتخابات»، مضيفاً أن «السياسة العامة لحزب «الوفد» ستتغير وسنعيد طرح كل المعادلات السياسية للنقاش». وقال الناطق باسم جماعة «الإخوان» رئيس مكتبها السياسي عضو مكتب الإرشاد الدكتور عصام العريان إن جماعته خرجت من الانتخابات بمكسب التنسيق المتزايد مع القوى المعارضة. وقال ل «الحياة» إن الفترة المقبلة ستشهد انفتاحاً أكبر على القوى المؤيدة والداعمة للدكتور البرادعي الذي حض شباب جمعيته على ضرورة التنسيق الكامل بينهم خلال الفترة المقبلة، والتحرك الميداني عبر التظاهرات والوقفات الاحتجاجية. وقال القيادي في الحملة المستقلة لدعم البرادعي ومطالب التغيير عبدالمنعم إمام إن البرادعي شدد خلال لقائه شباب الجمعية الوطنية للتغيير على «ضرورة فتح جسور صلة بين كل القوى السياسية خلال الفترة المقبلة في إطار تنسيقي من دون أي استثناء»، داعياً القوى السياسية إلى الاستفادة من درس الانتخابات الماضية. وأضاف أن البرادعي أكد أنه «يشجع أي محاولات لإحداث الزخم الشعبي في الشارع المصري». وكان مرشد «الإخوان» محمد بديع قال في كلمته أمام مؤتمر «حوار من أجل مصر» الذي بدأت فعالياته أمس تحت عنوان «تزوير الانتخابات ومستقبل مصر»: «إن ما حدث في الانتخابات الماضية من تزوير زاد من وحدةِ القوى الوطنية وتعاونها»، داعياً كل القوى الوطنية إلى «إعلان بطلان هذا المجلس قبل أن يولد لأنه مجلس للحزب الوطني وليس مجلساً للشعب». ودعت قوى معارضة اجتمعت أمس بدعوة من بديع، في بيان، إلى عدم الاعتراف بشرعية مجلس الشعب «الذي تم تزوير إرادة الأمة لاغتصاب مقاعده». كما شددت على ضرورة توحد جميع القوى الوطنية والسياسية والشعبية لمواجهة المرحلة المقبلة واتخاذ موقف موحد تجاه الانتخابات الرئاسية وبقية «الملفات الحرجة» داخلياً ودولياً. وطالبت ب «التوجه إلى الشعب المصري بفعاليات واضحة لدعوته إلى مقاومة الظلم والفساد والتزوير والاستبداد» بدءاً من الوقفة الاحتجاجية اليوم أمام دار القضاء العالي. وقال المنسق العام لحركة شباب «6 أبريل» أحمد ماهر إن الحركة تستعد لتنظيم خطة عمل واسعة في الشارع مع بداية عام 2011 «للضغط من أجل إسقاط مجلس الشعب المزور»، لافتاً إلى أن الحركة ستستمر في تحركاتها لتوعيه المواطنين في الشارع والوصول إليهم في كل مكان «بهدف إشراكهم في عملية التغيير السلمي». ويعتزم أكثر من 100 نائب من المستقلين والمعارضة الذين خسروا في الانتخابات الأخيرة تنظيم اعتصام رمزي صباح غد، بالتزامن مع عقد البرلمان أولى جلساته، أمام مقر مجلس الدولة للتنديد ب «الانتهاكات التي شهدتها انتخابات مجلس الشعب»، ولمطالبة الرئيس مبارك بحل المجلس. كما اتفق النواب على تحريك دعوى قضائية لإبطال برلمان 2010. وأكد النواب، في مؤتمر عقدوه أمس، مشاركتهم في الوقفة الاحتجاجية اليوم والاستعداد لتأسيس «برلمان بديل» وهي الفكرة التي بدا أن مرشد الإخوان يرفضها، إذ قال إن «الإخوان يحترمون مؤسسات الدولة وليست لديهم أفكار عن مؤسسات موازية». ووسط هذا الزخم، يرأس الرئيس مبارك اليوم أول اجتماع للهيئة البرلمانية للحزب الوطني ويدير حواراً سياسياً مع نواب «الوطني» البالغ عددهم 420 عضواً، منهم نحو 300 نائب يدخلون المجلس للمرة الأولى.