اختتم الرئيس بشار الاسد وعقيلته السيدة اسماء امس زيارة لباريس تضمنت قمة مع نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي ولقاءات مع مثقفين وإعلاميين ونواب وسياسيين تناولت اموراً تتراوح بين القضايا السياسية والمسائل الفكرية المعمقة. ونقل عن الأسد تأكيده ضرورة العمل ل «منع تدهور الأوضاع في المنطقة تجنباً لوقوع حرب ما دامت الظروف غير مهيأة لتحقيق السلام»، قائلاً: «لا يمكن أن تبقى مواقف أوروبا في خصوص عملية السلام مرتبطة بالدور الأميركي، خصوصاً أن هذا الدور أثبت عدم قدرته على تحريك هذه العملية». واعتبر الاسد لقاءه نخبة من المفكرين والاعلاميين الفرنسيين في مقر اقامته بحضور المستشارة السياسية والاعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان، «فرصة لتبادل الآراء والأفكار وخلق حال مستمرة من الحوار مع قادة الفكر في المجتمع الفرنسي تساهم في تكوين صورة أكثر واقعية وموضوعية إزاء القضايا التي ننظر إليها في شكل مختلف، وصولاً إلى تقريب وجهات النظر بما يساعدنا في معالجة القضايا والمشكلات التي تواجهنا»، وذلك قبل ان يجيب عن اسئلة الحاضرين المتعلقة برؤية سورية لمجمل التطورات الإقليمية والدولية، خصوصاً الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وعملية السلام. ونقل بيان رئاسي امس عن الأسد تأكيده انه «لا توجد فعلياً عملية سلام في الوقت الراهن، وأن السبب في ذلك هو أن الشارع الإسرائيلي، وبغض النظر عن مواقف حكوماته، غير جاهز للسلام»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «من الضروري في هذا الوقت العمل على منع تدهور الأوضاع في المنطقة تجنباً لوقوع حرب ما دامت الظروف غير مهيأة لتحقيق السلام». وأوضح: «في ظل الظروف الحالية التي تمر بها المنطقة، لا يمكن أن تبقى مواقف أوروبا في خصوص عملية السلام مرتبطة بالدور الأميركي، خصوصاً أن هذا الدور أثبت عدم قدرته على تحريك هذه العملية. لهذا لا بد من دور أوروبي متوازن تجاه جميع الأطراف المعنية بالسلام قادر على المساهمة في شكل فاعل في تحقيق السلام العادل والشامل». وكان الرئيس السوري نوّه خلال لقائه المبعوث الفرنسي لعملية السلام جان كلود كوسران ب «مواقف فرنسا الداعمة للسلام العادل والشامل على أساس قرارات الشرعية الدولية، خصوصاً موقفها الأخير الرافض للقانون الإسرائيلي المتعلق بإجراء استفتاء قبل أي انسحاب من الجولان والقدس الشرقية»، مجدداً التأكيد ان «السياسات والممارسات الإسرائيلية العدوانية في الأراضي العربية المحتلة ورفضها المتكرر للمبادرات السلمية، تؤكد عدم رغبة إسرائيل في أي سلام يعيد الحقوق الى أصحابها». وجدد كوسران «عزم بلاده على استمرار مساعيها السلمية بالتنسيق مع سورية على رغم المعوقات التي تعترض هذه المساعي». كما جرى التشديد خلال لقاء الاسد مع الأمين العام للرئاسة الفرنسية غلود غيان على «أهمية الحوار القائم على الثقة المتبادلة والمصالح المشتركة بين سورية وفرنسا ومواصلة التشاور حيال المشكلات التي تهدد أمن المنطقة واستقرارها بما يساعد في إيجاد الحلول المناسبة لها». وتناول لقاء الاسد والمفكرين ايضاً العملية الاقتصادية والتعاون الاقليمي، اذ اشار الاسد الى الأهمية الكبيرة التي توليها سورية «للتعاون الاقتصادي ذي البعد الإقليمي الذي يربط منطقة الشرق الأوسط وجوارها بدول آسيا الوسطى وأوروبا عبر إقامة شبكة مصالح استراتيجية تكون إحدى نتائجها الطبيعية خدمة استقرار شعوب هذه المناطق وازدهارها». وقال رئيس قسم السياسة الخارجية في صحيفة «لوموند» آلان فراشون ان اللقاء كان «غنياً بالأفكار والتحليل العميق للأوضاع في الشرق الأوسط ولدور أوروبا وتأثيرها الضعيف في المستوى السياسي والاقتصادي في المنطقة». وأشار المؤرخ المتخصص في الشرق الأوسط هنري لورانس إلى أن اللقاء كان «جولة أفق حول قضايا الشرق الأوسط ومكانة سورية على الساحة الإقليمية والدولية»، مؤكداً أن «الرؤية التي تتحرك بها سورية سياسياً واقتصادياً على مستوى التعاون الإقليمي تعزز دورها كلاعب أساسي في منطقة الشرق الأوسط».