أطلقت عقيلة الرئيس السوري السيدة أسماء الأسد من على منبر «الاكاديمية الديبلوماسية الدولية» في باريس، وبحضور نخبة من المثقفين والمسؤولين الفرنسيين، عملية اعلان رؤية جديدة للتراث الثقافي السوري للتفاعل بين الآثار والمتاحف والمجتمع. وقالت: «لدى فرنسا بعض أهم المؤسسات لدراسة الماضي وتفسيره، ولدى سورية بعض أهم المختبرات والمواد البحثية في العالم المتمثلة بمواقعنا وأوابدنا الأثرية، ومن هنا، فإن سورية وفرنسا المتطورتين ثقافياً تكملان الواحدة الأخرى في هذا المجال». ومن المقرر ان تقام احتفالية كبرى لأيام عدة في دمشق في نيسان (ابريل) المقبل لتحفيز الافراد والمؤسسات في الداخل والخارج وراء الرؤية، بمشاركة متحف «لوفر» ومؤسسات من فرنسا وايطاليا و «منظمة الاممالمتحدة للثقافة والتربية والعلوم» (يونيسكو). وأشارت السيدة اسماء الى «تاريخ سورية الغني باعتبارها مهداً للحضارات الإنسانية عبر آلاف السنين والتي تركت خلفها إرثاً عظيماً من العمارة والآثار»، مشيرة الى ان «أقدم مدينة مأهولة باستمرار في التاريخ هي مدينة دمشق»، وقالت: «هذا التاريخ الحضاري المعماري واكبه تراكم العادات والمعتقدات وقيم الانفتاح التي تميز بها الشعب السوري». وتضم سورية نحو خمسة آلاف موقع اثري و34 متحفاً تنتشر في ارجاء البلاد. كما اظهرت الابحاث وجود 150 الف قطعة اثرية في المخازن بعيدة من النور. وقالت ان الرؤية تهدف الى «إقامة شبكة متفاعلة ومتجددة لربط المتاحف والمواقع الأثرية الثقافية بحيث تقوم هذه الشبكة بتحديث ودمج وتوسيع ما تحتضنه المتاحف السورية وتطوير المدن التاريخية القديمة والمواقع الأثرية الثقافية». وبحسب وثيقة وزعت على الحاضرين، فإن المشروع الطموح يسعى الى «سرد كامل لحكاية الحضارة السورية» ويساهم «في التنمية الاجتماعية المتوازنة وفي تحديث البنية التحتية والنقل والسياحة على مستوى البلاد»، وانه سيعمل مؤسسات الشبكة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني لتطوير وتحديث المتاحف وغيرها من المؤسسات الثقافية وإقامة تجارب مشتركة وتشجيع السوريين على تحقيق انخراط أفضل مع تاريخهم وثقافتهم. كما تأخذ الرؤية في الاعتبار «الاستثمار والتنمية المتوازنة. كما أن القطاع التربوي الرسمي وغير الرسمي سيكون مستفيداً من البرامج التنفيذية التي ستكون متاحة لكل السوريين». وجاءت محاضرة السيدة اسماء، وهي الأولى من نوعها في السنوات الماضية، ضمن النشاطات التي قامت بها خلال زيارة الرئيس بشار الاسد لباريس بين يومي الخميس والسبت الماضيين، وجرت بحضور وزيري الاقتصاد كريستين لاغارد والثقافة فريدريك ميتران، والمستشار الثقافي للرئيس الفرنسي اريك غاروندو، والمستشارة السياسية والاعلامية في الرئاسة السورية الدكتورة بثينة شعبان. وقالت السيدة اسماء في الجلسة الثقافية ان «الإرث الحضاري السوري ليس فقط للآباء والأجداد بل هو ملك للأولاد والأحفاد إذا ما أحسنا استثماره ثقافياً وتنموياً لما فيه خير أجيال شعبنا ومستقبل أبنائه»، قبل ان تدخل في حوار عن اسئلة تتناول الثقافة والتراث والانفتاح وعلمانية المجتمع السوري والسلام. وكانت الجلسة بدأت بخطاب ألقاه مدير «الاكاديمية الديبلوماسية الدولية» جان كلود كوسران شدد فيه على «اهمية الديبلوماسية الثقافية» بين الامم، وبكلمة لميتران شدد فيها على «الرغبة المشتركة في تعزيز التعاون الثقافي، خصوصاً أن لسورية طابعاً ثقافياً وأثرياً مميزاً يعكس غناها الحضاري». وقال ان زيارة الاسد وعقيلته «أعطت زخماً جديداً للتعاون الثقافي وتوسيعه بين المؤسسات الثقافية السورية ونظيرتها الفرنسية»، منوها ب «الأهمية الثقافية للرؤية الجديدة لقطاع الإرث الثقافي». وكان البلدان وقعا اتفاقاً ثقافياً خلال زيارة رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون لدمشق في شباط (فبراير) الماضي. كما وقع اتفاق بين «لوفر» والمتحف الوطني في سورية.