بين التراث البحري، والحرف اليدوية والتراث الموسيقى والمأكولات والملابس، رواحت المهرجانات المقامة في المناطق السعودية خلال إجازة منتصف الفصل الدراسي الثاني التي تنتهي بعد غدٍ (السبت). وفي مهرجان «الساحل الشرقي» للتراث البحري الذي يقام في كورنيش الدمام، أعادت صناعة مجسمات سفن صيد السمك ذاكرة الزوار إلى جيل الآباء والأجداد الذين امتهنوا مهنة صناعة السفن بأنواعها في المنطقة الشرقية لعقود. وقال الحرفي إدريس البوعينين المشارك في المهرجان، والذي ورث صناعة السفن من والده: «عمل برفقته منذ أن كان عمري عشر سنوات، ولا أزال أمارس هذه الهواية»، مشيراً إلى أن حرفة صناعة السفن هي من المورثات الأثرية التي امتاز بها أهالي المنطقة الذين عرفوا منذ القدم بركوب البحر لصيد الأسماك واستخراج اللؤلؤ. ولفت البوعينين إلى زياد الإقبال على اقتناء مجسمات للسفن أخيراً، لاستخدامها مجسمات لتزيين البيوت، أو في أعمال الديكور المنزلي سواء إطارات للنوافد والأبواب أو الأعمال الخشبية المرتبطة بالجلسات والكنبات. وفي الجانب ذاته، واصل مهرجان أملج التراثي البحري إقامة فاعلياته المختلفة ومنها المسابقات الثقافية والمسرحية، والفنون الشعبية، والسوق التراثي، والمتحف البحري والبري، وخيمة التسوق، ومسرح الطفل التي رصدت لها جوائز نقدية وعينية. وأوضح رئيس اللجنة الإعلامية بسياحية أملج مسعود الفايدي أن الفاعليات تستمر حتى منتصف الليل إلى جانب خيمة التسوق ومسرح الطفل وسط تنظيم من الإدارات الحكومية من البلدية ودوريات الشرطة والمرور الذي عمل على مراقبة المركبات وتفادي الزحام وضبط انسيابية الحركة المرورية حول المنطقة التاريخية. واستطاع مهرجان «الأحساء المبدعة» أن يوثق عمق تاريخ التراث الممتد عبر مئات السنين في الأحساء لما تحمله من مخزون في الحرف اليدوية والفنون الشعبية، وتعريف المجتمع بعالمية الإبداع التي نالتها الأحساء في منظمة «يونيسكو». وقال أمين الاحساء عادل الملحم «سيتم فتح منطقة المهرجان (الفريج التراثي) الواقع خلف الأمانة أيام العطلة الأسبوعية ليصبح الموقع مكاناً لتجمع الحرف اليدوية في شكل دائم لحين الانتهاء من مشروع سوق الفاضلية المخصص للحرف اليدوية». وفي عنيزة، جذبت «قيصرية الحريم» في مهرجان سوق «المسوكف» الشعبي المقام حالياً أنظار كبيرات السن، وأعادت الذاكرة بهن إلى السوق قديماً ببساطته وتواضع شوارعه . وأوضح المدير التنفيذي للمهرجان عبدالله العليان أن «القيصرية شيدت من الطين، وهي أحد المواقع القديمة التي خصصت للنساء أجنحة خاصة»، مشيراً إلى أن النساء يقدمن من خلالها منتجات مختلفة تتضمن المأكولات الشعبية مثل الكليجا، والفتيت، والقرصان، والجريش، علاوة على المنسوجات والأقمشة النسائية وأواني الطبخ وغيرها». واستطاع تعليم زمان وتسلق المباني القديمة والفلكلور الشعبي الحجازي جذب مرتادي مهرجان جدة التاريخية «أتاريك»، مشيدين بفكرة إدماج التراث القديم بالفاعليات الترفيهية مساهمة في نشر ثقافة التعرف على التراث الأصيل وتاريخ جدة العريق وتفاصيل العادات الاجتماعية من ملبوسات وأطعمة وغيرها. وشدت هذه الفاعليات المهرجان انتباه القنصل العام لفلسطين في جدة محمود الأسدي والقنصل العام لدولة العراقبجدة خالد خيرو، خلال زيارتهما للمهرجان مبدين إعجابهما بما احتواه وما تحتضنه جدة التاريخية من مواقع أثرية وحضارية وموروثات استطاع أن يعرف بها المهرجان بصورة شيقة وجاذبة. ومهرجان «أتاريك» لهذا العام يشمل 65 فاعلية، وحرصت اللجنة على مراعاة التنوع والتجديد، ففي فاعلية «الرقص الأفقي» تقدمها إحدى الفرق العالمية على خلفية موسيقية حجازية، وفاعلية «ادخل التاريخ» يتم خلالها استعراض قصة جدة قبل حوالى 2600 سنة عبر عرض مرئي مدته سبع دقائق، إلى جانب تقديم فاعلية تسلق المباني التاريخية القديمة.