أعلنت القيادات الامنية في محافظة ذي قار ومركزها مدينة الناصرية (380 كلم جنوب بغداد) انها بصدد شن حملة بالتعاون مع رجال الدين للقضاء على السحرة والمشعوذين الذين انتشروا في شكل لافت أخيراً. وأكد قائد شرطة ذي قار اللواء صباح الفتلاوي ان «السحرة والمشعوذين من نساء ورجال منتشرون في كل مناطق المدينة». وقال الفتلاوي ل «الحياة» إن «قيادة الشرطة بالتعاون مع مكاتب رجال الدين ومنهم الشيخ اسعد الناصري وكيل المرجع علي السيستاني اعدت خطة امنية وارشادية للقضاء على هذه الظاهرة». وأضاف: «ستكون الخطة من قسمين: الاول دهم الاماكن التي يوجد فيها مشعوذون والقاء القبض عليهم وتقديمهم الى القضاء، والثاني ارشادي تلقى مهمته على عاتق رجال الدين الذين سيركزون بمحاضراتهم وخطبهم على هذه المسألة». وأشار الى ان «الكثير من المشعوذين محكوم عليهم سابقاً بالجرم نفسه ولكن اغلب الاحكام مخففة واطولها 6 شهور سجناً». ولفت الفتلاوي الى ان «السحر والشعوذة ينتشران على نطاق واسع اليوم، ولهما تأثيرات سلبية في وعي وسلوك المواطنين البسطاء، كما أنهما يرسخان المفاهيم السيئة في المجتمع». وتنتشر في ذي قار محال بعضها يبيع الاحجار الملونة كواجهة لممارسة السحر وتصل اثمان تلك الاحجار التي تصنف وفق الخدمة التي تؤديها الى اضعاف اسعارها الاصلية. ووضع احد اصحاب هذه المحال قطعة صغيرة على كل حجر فهذا مخصص للزواج وذاك للمحبة وآخر للتجارة والحماية. وهناك أصحاب محلات للطب العربي يدعون التخصص ب«الطب النبوي» او «طب جعفر الصادق» وفق احدى اليافطات. ويقول رجل الدين الشيخ حامد الكرباسي ل «الحياة» ان «بعض المرضى عندما ييأس من العلاج لدى الاطباء يلجأ للتطبيب الشعبي، لكن المشكلة اليوم هي مع أشخاص مجهولين بالنسبة الينا كرجال دين، هم يدعون أنهم يعالجون بالقرآن لكن أغلبهم لا يقرأ أو يحفظ آية صحيحة منه، هم مشعوذون، والخرافة رافقت الجهل منذ أزمنة عدة». واطلعت «الحياة» عند زيارتها المدينة على انتشار السحرة والمشعوذين في شكل كبير في اسواق المدينة وشوارعها من نساء ورجال وما ان تخرج من الفندق حتى تتلقاك امرأة تدعي انها قارئة كف وان لديك بشرى قريبة والثانية تحمل القرآن الكريم وتؤكد انها تستطيع ان تخبرك بالغيبيات من خلال ايات القرآن. والاغرب ان الكثير من اهالي المدينة يؤمنون بهؤلاء. فقد تجمع نحو 10 اشخاص امام فتاة لا يتعدى عمرها العشرين عاماً مصابة بالصرع يقولون ان «الامام العباس طوعها له» ويتلمسون رأسها ويشترون قطعة من ثيابها». من جانبه دان وكيل المرجع الشيعي الاعلى علي السيستاني في المدينة اسعد الناصري «انتشار ظواهر السحر والشعوذة في المجتمع»، داعياً الى «التصدي لها عبر قوانين وتشريعات محددة»، وشدد في خطبة الجمعة على ان شهر محرم مناسبة لأخذ العبر، معتبراً ان «ظاهرة اللجوء الى السحرة والمشعوذين بدأت تنتشر في مجتمعنا وهؤلاء يستغلون مناطق الضعف وبعضهم يمارس الرذائل والسرقة والمحرمات والزنا عبر هذه الطرق». وأضاف: «ما يؤسف له انتشار هذه المسائل في الناصرية وباقي المدن تحت مسميات كاذبة كالطب الروحاني، ولا اعرف من اين جاؤوا بهذه التسمية، فالطب المعروف لدينا نوعان اما طب الأبدان او طب الارواح وهذا هو القرآن الكريم فيه شفاء للصدور ولا يوجد طب روحاني ولو كان له وجود لسماه النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) والأئمة والصلحاء ولذهب اليه العلماء». ويؤكد تاجر الاحجار الكريمة السيد صاحب الفحام ان «تجارة الاحجار والخواتم انتشرت في الآونة الاخيرة بسبب اعتقاد المواطنين بأن هذه الاحجار تسكن فيها الارواح الطيبة التي تساعدهم في قضاء حوائجهم». وأضاف ل «الحياة» أن «رجال الدين يقولون إن هذه الاحجار انواع ولها تسميات وعليها نقوش وزخرفات ولديها القدرة على تغير واقع الحال فمنها الحجرية الرضوية للرزق واليمانية للأمن». وأشار الى ان «هناك الكثير من الاحجار الاخرى تستعمل لتسهيل الرضاعة او لشفاء المرضى او لحل المشكلات التجارية او للوقاية من الاخطار». وتحدث عن « أشخاص يمارسون ما يسمونه بالعلاج الروحاني، يستخدمون لتحضير علاجهم الأحرف المكتوبة باللغة السريانية، أو آيات من القرآن الكريم، تكتب وترتب وفق توقيتات زمنية محددة، لرقي المرضى الذين لم يفلح العلاج الطبي معهم».