كشفت لجنة متابعة مزاولي الرقية الشرعية في محافظة جدة ممارسة بعض أئمة المساجد ل «الرقية» في المساجد وملاحقها في أحياء عدة. وعلمت «الحياة» من مصادر مطلعة أنه تم ضبط إمامي مسجدين (يعمل أحدهما إماماً وعضواً في لجنة العناية بالمساجد في أوقاف جدة) يرقيان المرضى داخل ملحقي مسجدين. وأكدت المصادر أن قراراً صدر بمنع الإمامين من مزاولة الرقية، إلا أن أحدهما لا يزال يعمل حتى الآن. ورفعت اللجنة الخاصة بمتابعة مزاولي الرقية الشرعية نتائج لجنة المتابعة إلى أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل لاتخاذ الإجراءات اللازمة حيال تلك التصرفات المتعلقة بعمل الرقاة بملاحق المساجد في جدة. وطالبت محافظة جدة فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في منطقة مكةالمكرمة الإفادة عن مدى إمكان استخدام ملاحق المساجد لمزاولة الرقية الشرعية بداخلها، ووجهت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومدير شرطة محافظة جدة والمدير العام للشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في جدة لاتخاذ ما يلزم حيال تلك التصرفات بالعمل في مزاولة الرقية الشرعية في المساجد. وزعمت المصادر أن إمام مسجد (تحتفظ «الحياة» باسمه) لا يزال يمارس الرقية الشرعية على رغم منعه من ذلك، إذ يعمل كإمام وكعضو للجنة الشرعية للعناية بالمساجد والأوقاف. من جهته، أوضح أستاذ السياسة الشرعية والأنظمة لدى جامعة الملك عبدالعزيز وعضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي البروفيسور حسن سفر أن المساجد بيوت الله ووظيفتها أداء العبادات ونصح الناس وإحياء القيم وتذكير الناس بالحلال والحرام. وقال ل «الحياة»: «يجب أن تنزه المساجد من التوظيف الشخصي الذي يعود نفعه على إمام المسجد، أو خادم المسجد، واستغلال المساجد كمستشفيات لعلاج المرضى فيه مخالفة، خصوصاً إذا كان الشخص لا يحمل رخصة لمهنة المداواة». وأضاف: «إن الرقية الشرعية التي تقوم علاجاتها على ما ورد في الكتاب والسنة هي أمرٌ لازم وضروري، ويجب الحصول على التصاريح من وزارة الصحة، وإخطار إمارات المناطق بذلك، حتى لا يتم العلاج بطرق خفية، ولأن وظيفة المساجد هي العبادة فيجب ألا تسخر لأغراض أخرى». ورأى سفر ضرورة إنشاء عيادات في الأحياء للرقية، على أن تكون في مكان بارز وفق تصريح من قبل المتخصصين، حتى لا تستغل من ضعاف النفوس، ويجب أن تبتعد العيادات عن المساجد حتى لا يكون هناك نوعٌ من الفساد والإفساد. وسبق أن شكلت الجهات المختصة لجاناً ميدانية في كل المدن والمحافظات تتكون من مندوبي إمارات المناطق أو المحافظة، وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووزارة الشؤون الإسلامية والشرطة والبحث الجنائي، إضافة إلى مشاركة عنصر نسائي، وتسند رئاسة اللجان لهيئة الأمر بالمعروف. وطالب عدد من المعالجين إنشاء أقسام للرقية الشرعية في المستشفيات، أو إنشاء مستشفيات ومراكز خاصة بها تعمل تحت مظلة وإشراف عدد من الجهات الحكومية ذات العلاقة. وفي سياق متصل، ذهب المحامي وعضو هيئة التحقيق والادعاء العام سابقاً الدكتور إبراهيم الأبادي إلى أن المساجد تعد مقراً لكل الخدمات التعليمية الشرعية والعامة، ملمحاً إلى أن المسجد كان مقراً لإدارة الدولة في صدر الإسلام. واستثنى الأبادي ممارسة «الرقية» التي تسبب الأذى للمصلين مثل «تطبيب الناس الذي قد ينتج منه ما يؤذي مرتادي المساجد كخروج النجاسة»، مشيراً إلى أنه من الأولى ابتعاد الرقية عن المساجد حتى لا يتأذى الناس من المصلين أو غيرهم. وحول ممارسة إمام المسجد للرقية من الناحية القانونية أوضح أن ولي الأمر أوكل الحاكم الإداري في أي منطقة الإشراف على الرقاة ومتابعتهم، والتأكد من انتهاجهم الطرق السليمة التي توافق الشريعة الإسلامية المنصوص عليها في الكتاب والسنة النبوية، مشيراً إلى أن هناك لجاناً مكلفة بمتابعة الرقاة، وعليها أن تحد من انتشار المخالفات التي يقع فيها «الرقاة» سواء كانوا أئمة مساجد أو غيرهم.