قالت منظمة «أطباء بلا حدود» الأربعاء، إن ثمانية أشخاص عالجتهم في أعقاب ما يشتبه بأنه هجوم كيماوي شمال سورية، ظهرت عليهم أعراض تماثل التعرض لغاز أعصاب، مثل سارين، في وقت دعت دول عدة روسيا إلى ممارسة ضغوط على دمشق لوقف هجماتها، وسط مطالب من الدول الراعية وقف النار لروسياوإيران بإنقاذ الهدنة. وطالب «الائتلاف الوطني السوري» المعارض بحظر جوي. وقالت «أطباء بلا حدود» في بيان: «بين ضحايا الهجوم في مدينة خان شيخون الذين نقلوا إلى مستشفى باب الهوى... قرب الحدود التركية، شهدت المنظمة ثمانية مرضى ظهرت عليهم أعراض مثل اتساع حدقة العين والتشنج في العضلات... تماثل التعرض لغاز أعصاب سام مثل السارين.» وذكرت المنظمة التي لها فرق في المستشفى أنها قدمت أدوية لعلاج السموم ومعدات وقائية للعاملين في الموقع. وقالت: «فريق أطباء بلا حدود وصل أيضاً إلى مستشفيات أخرى تعالج الضحايا ولاحظ رائحة كلور قوية الأمر الذي يشير إلى أنهم تعرضوا لهذا المركب السام». وطانت منظمة الصحة العالمية قالت في بيان أصدرته من جنيف الأربعاء أن ضحايا الهجوم يشتبه في أنه نفذ بأسلحة كيماوية أمس، ظهرت عليهم أعراض تماثل رد الفعل على استنشاق غاز أعصاب. وقالت المنظمة: «يبدو أن بعض الحالات ظهرت عليها مؤشرات إضافية تماثل التعرض لمواد كيماوية فوسفورية عضوية وهي فئة من المواد الكيماوية التي تتضمن غاز الأعصاب». وقالت الولاياتالمتحدة إن الوفيات في الهجوم على محافظة إدلب سببها التعرض لغاز سارين، وهو غاز أعصاب بعد أن أسقطته طائرات سورية. وغاز سارين مركب يحتوي على الفوسفور العضوي وهو غاز أعصاب، في حين أن غاز الخردل وغاز الكلور اللذين يعتقد أن النظام استخدمهما أيضا في السابق ليسا كذلك. ولم يقل ناطق باسم وزارة الدفاع الروسية إن هذا المركب استخدم في الهجوم، لكنه أشار إلى أن الجماعات المسلحة استخدمت الأسلحة الكيماوية ذاتها في العام الماضي. وأضافت المنظمة في بيانها، أنه من المرجح أن نوعاً من المركبات الكيماوية استخدم في الهجوم لأن الضحايا لم يصابوا بجروح خارجية ظاهرة ولاقوا حتفهم جراء تلاحق سريع لأعراض مماثلة لأعراض غاز السارين تشمل ضيقاً حاداً في التنفس. وأشارت إلى أن خبراءها في تركيا يقدمون الإرشاد للعاملين في القطاع الصحي في إدلب في شأن تشخيص وعلاج المرضى. كما أرسلت أدوية مثل أتروبين، وهو ترياق لحالات التعرض لمركبات كيماوية، بالإضافة لمنشطات لعلاج الأعراض. وكانت لجنة تحقيق في أوضاع حقوق الإنسان تابعة للأمم المتحدة في سورة قالت في وقت سابق إن القوات الحكومية السورية استخدمت غاز الكلور القاتل في عدة مناسبات. وقتل مئات المدنيين في هجوم بغاز السارين في الغوطة الشرقية لمدينة دمشق في آب (أغسطس) عام 2016. ونفت حكومة الأسد بشكل قاطع مسؤوليتها عن الهجوم. ووافقت دمشق على تدمير مخزونها من الأسلحة الكيماوية عام 2013 بموجب اتفاقية توسطت فيها موسكو وواشنطن. وقال بيتر سلامة المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية في البيان: «هذه الأنواع من الأسلحة يحظرها القانون الدولي لأنها تمثل وحشية لا تغتفر». ووصف مصابون سوريون آثار انفجار هائل قتل عشرات الأشخاص في إدلب، ومنهم سوريان يُعالجان في مستشفى في ريحانلي بتركيا أبلغا «رويترز» بأنهما كانا يتنفسان بصعوبة وعانيا من غثيان ودوار. وحمل «المرصد السوري لحقوق الإنسان» ومسعفون وفرق إنقاذ الحكومةَ السورية مسؤولية الهجوم. وقال المرصد إنه «وثق ارتفاع أعداد الشهداء المدنيين إلى 131 بينهم 41 طفلاً دون سن الثامنة عشرة، و30 مواطنة فوق سن الثامنة عشرة، استشهدوا في غارات استهدفت مدينة خان شيخون ومدينتي سلقين وجسر الشغور وبلدة سراقب بأرياف إدلب الجنوبية والغربية والشمالية والشرقية». تركياوإيران وقال وزير الصحة التركي رجب أقداغ إن تركيا توصلت إلى نتائج تشير إلى أن الهجوم كان هجوماً كيماوياً. وأضاف للصحافيين أنه تم نقل نحو 30 شخصاً عبر الحدود إلى مستشفيات تركية للعلاج. وقالت الخارجية التركية إن تركيا ذكرت روسياوإيران بمسؤولياتهما في منع انتهاك وقف إطلاق النار. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية حسين مفتي أوغلو في بيان، إن تركيا قدمت مذكرات للسفارتين الروسية والإيرانية في أنقرة بشأن هجوم الثلثاء. ودانت إيران الهجوم، ونقلت وكالة تسنيم للأنباء عن بهرام قاسمي الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية قوله: «تدين إيران أي استخدام للأسلحة الكيماوية بغض النظر عمن استخدمها وعمن هم الضحايا. نحن على استعداد لنقل الضحايا إلى إيران ومساعدتهم.» من جهة أخرى، قال البابا فرنسيس الأربعاء إن الهجوم صدمه ووصفه بأنّه «مجزرة غير مقبولة» بحق المدنيين الأبرياء. وقال البابا أمام عشرات الآلاف الذين تجمعوا في ساحة القديس بطرس لعظته الأسبوعية: «نحن مصدومون بسبب الأحداث الأخيرة في سورية». وعبر البابا عن «استنكاره الشديد للمجزرة غير المقبولة التي وقعت (الثلثاء)»، مضيفاً أنه يصلي من أجل «الضحايا العزل وبينهم الكثير من الأطفال». وناشد البابا «ضمائر أولئك الذين بيدهم السلطة السياسية على المستويين المحلي والدولي كي تنتهي هذه المآسي». واتهمت دول غربية دمشق بالمسؤولية عن الهجوم، فيما قالت روسيا اليوم الأربعاء إن التلوث في المنطقة ناتج عن قصف طائرات النظام لمخزن للأسلحة الكيماوية التابع للفصائل المسلحة في إدلب. ورفض قيادي في المعارضة السورية البيان الروسي. وقال حسن حاج علي القيادي في «جيش إدلب الحر» إن «المدنيين الموجودين كلهم يعرفون أن المنطقة لا توجد فيها مقرات عسكرية ولا أماكن تصنيع» تابعة للمعارضة. وقال: «الكل شاهد الطيارة وهي تقصف بالغاز ونوع الطيارة». وأضاف «المعارضة بمختلف فصائلها غير قادرة على صناعة هذه المواد». ووصف البيان الروسي بأنه «كذبة». أبو الغيط وندد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية الأربعاء بهجوم يشتبه بأنه شُن بأسلحة كيماوية وأسفر عن مقتل عشرات بينهم أطفال في محافظة إدلب بشمال غرب سوريا. وقال أبو الغيط في بيان صحافي نقلته وكالة أنباء الشرق الأوسط إن «استهداف وقتل المدنيين بهذه الوسائل المحرمة يعتبر جريمة كبرى وعملاً بربرياً». وأضاف: «من قام به لن يهرب من العقاب ويجب أن يلقى جزاءه من المجتمع الدولي طبقاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.» من جهته، حض وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل روسيا على دعم قرار لمجلس الأمن الدولي يدين الهجوم. وقال قبل المشاركة في مؤتمر دولي عن سورية في بروكسيل: «نرى أن من الصواب أن يركز مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على قضية الغاز السام هذا اليوم. ونحن نناشد روسيا دعم قرار مجلس الأمن والتحقيق في الواقعة ومحاسبة المسؤولين». وأضاف: «علينا بالطبع أن نفعل كل ما هو ممكن كي يمثل هؤلاء المسؤولين أمام محكمة دولية، لأن هذه واحدة من أبشع جرائم الحرب التي يمكن تخيلها». «الائتلاف» قال «الائتلاف» في بيان إنه «يؤكد الهجوم الكيماوي الذي نفذته طائرات نظام بشار الحربية صباح الثلثاء هو عمل إرهابي تنطبق عليه قرارات مجلس الأمن رقم 2170 و2178 (2014) و2199 (2015)، وهو خرق لقرارات مجلس الأمن 2118، 2209، 2235، 2254، ولبيان جنيف». وطالب ب «إصدار قرار من مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة، ينهي الإجرام الذي يمارسه نظام بشار، والتهديد المستمر الذي يمثله على حياة السوريين وعلى أمن العالم، ويضمن تسليم ومحاسبة المسؤولين عن إعطاء الأوامر والمنفذين والداعمين المتورطين في هذه الجريمة ومثيلاتها». وأضاف «الائتلاف» أن «القرار يجب أن يفرض حظراً فورياً لتحليق طائرات النظام بشكل كامل في جميع أنحاء سورية، وأن يحيل ملف الانتهاكات والجرائم الإرهابية على المحكمة الجنائية الدولية مع الحالات السابقة، ويقضي بتسليم القتلة ومنفذي الجريمة وداعميها إلى القضاء الدولي، وبتجريد النظام من جميع الأسلحة الفتاكة التي بحوزته وحظر تزويده بالسلاح»، لافتا إلى أن «اي تأخير أو عرقلة لإصدار مثل هذا القرار، يعنيان استمراراً لاستهداف المدنيين، ويندرجان ضمن سياق التغطية على الجرائم إلى حدِّ التورط في المسؤولية عنها». وجدد أن «تحقيق الانتقال السياسي في سورية وفق المرجعية الدولية بأسرع وقت ممكن هو الكفيل بوقف تلك الجرائم، وإخراج منظمات الإرهاب وقوى الاحتلال من كامل الأراضي السورية».