عشية خطاب وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون اليوم في شأن الخطوات المرتقبة للدفع بعملية السلام بعد فشل نهج المطالبة بتجميد الاستيطان، توقع مراقبون أميركيون أن ترتكز المقاربة الجديدة الى السعي من خلال المفاوضات غير المباشرة الى التوصل لحل مسألتي الأمن والحدود. وارتأت واشنطن طمأنة الجانب الفلسطيني ليل الأربعاء - الخميس من خلال التأكيد أنها «لا تقبل بشرعية التوسع الاستيطاني»، وأنها ملتزمة هدف توقيع إطار اتفاق سلام خلال عام. وحاول الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية فيليب كراولي إعادة تأكيد الالتزام الأميركي في عملية السلام من خلال الإشارة إلى أن تخلي واشنطن عن المطالبة بوقف الاستيطان كشرط للمفاوضات المباشرة إنما هو «تحوّل في النهج» وليس في الالتزام الأميركي في عملية السلام، وقال: «ما زلنا نركز على هدف الوصول الى اتفاق اطار خلال عام ... ونعتقد أن هذا ما زال ممكناً ... لن يكون الأمر سهلاً إنما لم نغير هدفنا». ولفت الى أن الموقف الأميركي في شأن الاستيطان «لم يتغير ولن يتغير»، مشيراً إلى أن «الولاياتالمتحدة لا تقبل بشرعية التوسع الاستيطاني، وستستمر في التعبير عن هذا الموقف». كما أعلن أن المبعوث جورج ميتشل سيعود إلى المنطقة قريباً. وقبل ساعات من خطاب كلينتون ليل الجمعة - السبت أمام مركز «سابان» التابع لمعهد «بروكينغز»، توقع كبار الخبراء في عملية السلام وبينهم المفاوض السابق آرون ميلر، أن تتجه الوزيرة نحو تبني العمل على التوصل إلى اتفاقات في مسألتي الأمن والحدود في المرحلة المقبلة. وأكدت مصادر موثوقة ل «الحياة» أن أحد أسباب تخلي واشنطن عن نهج وقف الاستيطان لثلاثة أشهر هو إدراكها صعوبة التوصل إلى اتفاق على مسألة الحدود في هذه الفترة، وبالتالي تفضيلها تغيير النهج بالكامل بدل المجازفة بتدهور أمني وانهيار شامل خلال ثلاثة أشهر. ويتم تداول أفكار عدة في العاصمة الأميركية لإنقاذ عملية السلام، بعضها يشمل تقديم كلينتون مرجعيات أميركية لأي مفاوضات، وهو ما تحدث عنه الخبير في معهد «نيو أميركا فاونديشن» ستيف كليمونز. وأشار كليمونز الى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وبعدم تمديده الاستيطان حتى بعد العرض الأميركي السخي بضمانات أمنية وسياسية لإسرائيل، «رمى البيض في وجه (الرئيس باراك) أوباما وأذله وفريقه ومعهم كلينتون ومستشار الرئيس للسلام دنيس روس الذي وضع الخطة»، لافتاً الى أنه لا من بد أن الرئيس الأميركي يغلي غضباً. إلا أن كليمونز رأى «فرصة» في فشل الإستراتيجية الحالية من خلال الانطلاق بنهج أفضل يستند إلى دور أميركي أكبر ليس فقط لجهة «تقريب وجهات النظر» بل لجهة «طرح أفكار ومرجعيات في شأن الحل المفترض» وتدخل أكبر من الرئيس نفسه وكلينتون في إدارة العملية التفاوضية. وأشار الخبير الى أن خطأ أوباما عام 2009 كان في رفضه طرح المستشارين السابقين للأمن القومي زيبيغنيو بريجنسكي وبرنت سكوكروفت تقديم خطة سلام أميركية، وهو ما رفضه روس وميتشل. واعتبر كليمونز أن هذا سيوفر سبيلاً لاستعادة واشنطن صدقيتها وجديتها في العملية والضغط على نتانياهو في الداخل.