الذكاء العاطفي (Emotional Quotient)، هو أن يدرك الشخص مشاعره وأحاسيسه الشخصية ويديرها ويتحكم فيها بما يتناسب مع المواقف التي يواجهها، وترجمة مشاعر الآخرين، للتأثير فيهم. وبحسب ما ذكر موقع "هافينغتون بوست"، يُعتقد أن الذكاء العاطفي (EQ) أحد أساسيات النجاح في الحياة بدرجة أكبر من الذكاء العادي (IQ)، إذ يرتبط بقدرات على التعامل مع المصاعب وحل النزاعات وفض الخلافات والتعبير عن المشاعر والتكيف مع المواقف الاجتماعية، فمثلاً يمكنك تحويل الشجار مع الأبناء إلى تشجيع وتحفيز على التعاون. واعتمدت أعظم لحظات التاريخ الإنساني على "الذكاء العاطفي"، لحل المشاكل الاجتماعية المتأصلة، لأنه يرتبط بالذكاء الاجتماعي والمهارات القيادية والحياة المهنية، لذلك تدرس مفاهيمه على نطاق واسع في المدارس والجامعات بمختلف تخصصاتها. وبالفعل هذا الذكاء في إدارة المشاعر مهم جداً، لكن الحماسة له حجبت عنا جانبه المظلم، إذ اعتقد العلماء لفترة طويلة، أن فهم ومعرفة مشاعر الآخرين من غضب أو حزن أو دهشة هو مفتاح للتواصل معهم وامتلاك القدرة على التأثير فيهم والاقتراب منهم. وأشارت دراسة جديدة إلى وجود آثار سلبية لهذه الموهبة من "التنصت على مشاعر الآخرين" والتوتر الزائد، وهذه الأراء تشكل تحدياً للرأي السائد عن الذكاء العاطفي بأنه ميزة لصاحبه دائماً. وفي دراسة نُشرت أواخر العام الماضي، طلب علماء النفس في "جامعة فرانكفورت" الألمانية من 166 طالباً الإجابة عن سلسلة من الأسئلة لقياس نسبة الذكاء العاطفي لديهم، كما عرضوا على الطلاب صوراً لبعض الوجوه وسألوهم إلى أي مدى يرون أن الوجوه تعبر عن مشاعر سعادة أو اشمئزاز، ثم قام الطلاب بالحديث أمام محكّمين يعرضون تعبيرات وجه قاسية، وقاس العلماء تركيز هرمون التوتر (الكورتيزون) في لعاب الطلاب قبل المحادثة وبعدها. وتبين أن الطلاب الذين صُنفوا أذكى عاطفياً زادت علامات الإجهاد عليهم خلال التجربة أكثر من الآخرين، كما استغرقوا وقتاً أطول للعودة إلى الحالة الطبيعية، وأشارت النتائج أيضاً إلى أن بعض الناس قد يكونون عاطفيين جداً من أجل مصلحتهم الخاصة، ما يسبب لهم المتاعب. وبحسب دراسة أجريت عام 2002، اكتشف العلماء جانباً مظلماً للذكاء العاطفي، يتمثل في أن الأذكياء عاطفياً أكثر عرضة لمشاعر الاكتئاب واليأس. وتؤكد الأدلة أن الأشخاص الذين يستخدمون ذكاءهم العاطفي لديهم القدرة على التلاعب بالآخرين، وإعطاء صورة إيجابية مغلوطة عن أنفسهم للآخرين وتبرير أفعال خاطئة. وفي وقت يعتبر فيه EQ "محايد أخلاقياً"، يمكن أن يصبح سلاحاً خطراً حينما يُستخدم بأنانية لخدمة المصالح الذاتية. وفي دراسة لجامعة "تورونتو" الكندية، أظهرت النتائج أن الموظفين الذين يمارسون ضرراً على زملائهم كانوا الأكثر امتلاكاً للذكاء العاطفي، فبدلاً من استخدامه في المساعدة والتعاطف وحماية وتعزيز الذات والآخرين، اتخذوه وسيلة لتعزيز الذات على حساب الآخرين والتلاعب بهم، من أجل تحقيق الغايات الأنانية الخاصة. وأخيراً يمكن أن يصبح الآخرون أدوات اجتماعية يستخدمها الشخص ليدفع نفسه إلى الأمام على حسابهم، فالذكاء العاطفي قد يصنع إنساناً لطيفاً أو خبيثاً.