لا يمكن أن يغيب الأديب السعودي الراحل غازي القصيبي في سهولة، عن ذاكرة المجتمع السعودي ومؤسساته الثقافية، فبعد مرور قرابة 4 أشهر على رحيله تذكر نادي جدة الأدبي مساء الثلثاء الماضي الراحل في أمسية شارك فيها أعضاء في مجلس إدارة النادي وهم: سحمي الهاجري وعبده خال ويوسف العارف، واستعرضوا عدداً من مواهب القصيبي الأدبية والعملية. وتناول الهاجري في مستهل الأمسية المنجز الروائي للراحل، مؤكداً أن الرواية «جاءت مكملة لدائرة الإبداع عند القصيبي، وتأتي روايته الشهيرة «شقة الحرية» لتسلط الأنظار عليها، فكانت أول رواية سعودية تطبع طبعات عدة، واستطاع صاحبها أن يدرج اللهجة المحلية بجانب الفصحى»، مستشهداً بمقولة الراحل «نصنع في روايتنا ما لا نستطيع أن نصنعه في الواقع». في حين تناول العارف المواهب الإدارية في حياة القصيبي، مقدماً عرضاً مرئياً عن كتابه البديع «حياتي في الإدارة»، أضاف بعداً آخر على أجواء الأمسية و نال استحسان الحضور. وقال العارف: «لا بد لكل إداري أن يطلع على كتاب الراحل لأنه صالح لكل زمان ومكان، وفكر القصيبي الإداري مميز لأنه يقدم الأمثلة التطبيقية، ويصف واقعها بالكثير من الدراية والخبرة». وتحدث الحائزة على جائزة البوكر عبده خال بحميمية بالغة عن القصيبي. وقال: «كنت اعتقد أن القاعة الليلة ستكون مكتظة بأصحاب البشوت، والذين كانوا يتسابقون إلى الحضور عندما كان على قيد الحياة»، متسائلاً: «هل سيذبل أدب القصيبي وفكره، كما ذبل بشته بعد رحيله». ووصف القصيبي بالبطل القومي «الذي كان منقذاً لعدد من الوزارات التي كادت أن تتهاوى»، مضيفاً: «إنني انصح المشاهير بكتابة سيرهم قبل رحيلهم، حتى لا يأتي احد ما ويكتب نتفاً ربما تحمل في بعضها أكاذيب وأقوالاً ليست صحيحة». وتطرق خال إلى بداية ارتباطه بأدب الراحل، مشيراً إلى أنه كان يخاف من سلطته الأدبية، غير أنه كان يستخدم قصائده في مراسلة إحدى حبيباته، كما ذكر، عندما وقع على احد دواوينه وأزاح اسم القصيبي منها. وقال: «إنني حينما أصدرت «الموت يمر من هنا»، اصدر القصيبي «شقة الحرية» واهتم الناس بها ولم يلتفتوا إلى روايتي، حتى كتب القصيبي نفسه عنها وقال: «ابعدوا هذا الموهوب عني». واعتبر خال مراسلة القصيبي للناس «دليل على انه يخرج من جلباب السلطة، ليكون إنساناً يعيش مثلما يعيش الآخرون». وتحدث الإعلامي المعروف الدكتور محمد صبيحي في مداخلته عن علاقته بالقصيبي، التي تجاوزت 10 أعوام خلال عمله في السفارة السعودية في بريطانيا، متناولاً العديد من المواقف النبيلة للراحل، وكيفية تعامله مع الأزمات وإدارته لها، وكيف كان القصيبي يترجم المقالات الأوروبية ويذيعها للمشاهدين. وشهدت الأمسية العديد من المداخلات لعاصم حمدان وعزت خطاب وإبراهيم نتو وسواهم.