رسم تقرير اقتصادي إقليمي، سيناريو مستقبل الاقتصاد العالمي، في ظل تحول مراكز الثقل المالي من الغرب الى الشرق، وتصاعد ظاهرة «حرب العملات» وبروز الذهب قوة مالية لا يستهان بها وقت الأزمات. وتوقع التقرير، الذي اشرف على إعداده كبير الاقتصاديين في مركز دبي المالي العالمي ناصر السعيدي، ان «يلجأ صندوق النقد الدولي الى اعتماد المعدن الأصفر، كوحدة احتياط بدل الدولار، الذي بدأ يفقد صدقيته كعملة احتياط عالمية، وأصبح يؤثر سلباً في الدول التي تربط عملاتها به. وأوضح السعيدي في تصريح إلى «الحياة»، ان صندوق النقد الدولي سيضطر الى اعتماد عملة جديدة تتفق عليها الدول مدعومة بالذهب، لتقوية دور «حقوق السحب الخاصة»، التي يعتمد عليها العالم كوحدة احتياط لتمويل الدول وتسهيل الدفع بين الدول والمصارف المركزية. ونصح المؤسسة الدولية، ان تشمل احتياطاتها 20 في المئة من المعدن الاصفر، الذي ارتفعت اسعاره الى مستويات قياسية خلال الأزمة المالية العالمية، إضافة الى العملة الجديدة. وعزا السعيدي السيناريو المتوقع، الى ان تحول العالم الى قوة متعددة القطب، مع بروز الصين والهند ثقلين اقتصاديين يفوقان الولاياتالمتحدة واوروبا، يجعل من الصعب اعتماد عملة واحدة كاحتياط، خصوصاً في ضوء ازدياد حجم التجارة العالمية والتحويلات المالية. ورجّح التقرير الذي حمل عنوان «دور الذهب في الهندسة المالية العالمية الجديدة»، ان يقفز الناتج المحلي للصين الى 30.7 تريليون دولار من 8.9 تريليون دولار عام 2008، والناتج المحلي للهند الى 12.3 تريليون دولار من 3.4 تريليون دولار، في حين يرتفع الناتج المحلي للولايات المتحدة الى 12 تريليون دولار عام 2030 من 8.7 تريليون دولار عام 2008، وناتج أوروبا الغربية الى 15.5 تريليون دولار. وأشار السعيدي الى ان المستثمرين والدول باتوا يخشون من ارتفاع معدلات التضخم بسبب زيادة السيولة في الأسواق، نتيجة «حرب العملات» التي تخوضها الدول الكبرى حالياً لإنعاش تجارتها. وأزعجت الزيادة «القسرية» لعملات الدول الوطنية، في مقابل الدولار واليوان الصيني، حين لجأت الولاياتالمتحدة والصين الى إضعاف قيمة عملتها أو خفضها عمداً، بما يتيح لصادراتها تنافسية أكبر في الأسواق الخارجية، ويهيئ المناخ لإيجاد وظائف جديدة. وليست الظاهرة جديدة، لكنها اتخذت أبعاداً كونية بعدما لجأت الولاياتالمتحدة أخيراً، إلى طباعة مئات البلايين من الدولارات، واستخدامها في إعادة شراء سندات خزينة سبق إصدارها، في ما يعرف ب «التيسير الكمي»، ومن شأن هذا الإجراء، إضعاف الدولار في مقابل العملات. ولفت السعيدي الى ان ربط الاحتياط العالمي بالدولار «لم يعد مجدياً، بسبب ديونها الخارجية البالغة 3 تريليون دولار، تملك 60 في المئة منها دول اجنبية، إذ تصل قيمة ديونها للصين إلى نحو 2.4 تريليون دولار. ولاحظ أن اليورو ضعيف وليس للاتحاد اسواق مالية يمكنها تحريك السيولة بسهولة، وكان يمكن أن تلعب العملة الصينية دوراً، لكن لم تدعمها الصين كعملة دولية، لذا يمكن أن يتجه العالم الى اطلاق عملة جديدة تشكل احتياطاً لوحدة السحب الخاص، اضافة الى الذهب، يطلق عليها اسم «حقوق السحب الخاص الصلبة».