تعتمد وزارة الثقافة اللبنانية فرقةَ فهد العبد الله للرقص الشعبي في مُشاركات لبنان في أغلب المهرجانات الفنية والثقافية، التي تقام في بعض البلاد العربية وبلدان العالم شرقاً وغرباً، وآخر تلك المشاركات كان في جمهورية مصر العربية، حيث مثَّلت الفرقة بلدها ضمن وفد لبناني كبير... لماذا فرقة فهد العبد الله بالتحديد؟ في وزارة الثقافة اللبنانية اقتناع يبدو ثابتاً تماماً، هو أن الفنان فهد العبد الله يُجسِّد في فرقته للرقص الشعبي (والدبكة) الأصولَ الفنية لهذا الرقص، المبنية على مبادئ من الالتزام والتطوير: التزام الفولكلور والتراث كأسلوب عمل، وتطوير التشكيل الراقص والخطوات الراقصة وإدخال «تقنيات جديدة»، وهذا هو أولاً وأخيراً المطلوب إظهاره، للجمهور العربي أو الغربي عن لبنان الرقص القديم، الذي هو جزء حقيقي وبنَّاء من العادات والتقاليد البلدية أو الوطنية، والرقص الجديد الذي يعني التعامل مع العصر بما يناسب الهوية الوطنية الفنية لا بما هو دخيل عليها. وزارة الثقافة ، في هذا التوجّه، تأتمن فرقة فهد العبد الله على تقديم الصورة الأفضل عن لبنان الثقافي – الفنِّي المتمثل في أحد أكثر الفنون ارتباطاً بالمجتمع ومناسباته وتطوّره: الرقص الشعبي، وهو يختلف في كثير من طبيعته ومواصفاته عن الرقص الشرقي المعروف في مصر وبعض البلاد العربية. وإذا كانت العادة جرت أن الجمهور يرى في الرقص الشرقي راقصة واحدة تقدِّم لوحات، فإن العادة جرت أيضاً أن يرى الجمهور في الرقص الشعبي (الدبكة بالمعنى اللبناني) مجموعات من الصبايا والشباب يتوزّعون الأدوار في رقصة مشتركة غالباً ما تتناول موضوعاً معيّناً حسب انتمائها إلى المناسبة الشعبية القديمة والمتوارثة جيلاً بعد جيل. ومع أن الأجيال الجديدة لم تعش تفاصيل المناسبات بطقوسها القديمة، نظراً لانحسار التقاليد والعادات وسيادة الأنماط الجديدة أو المعاصرة في التعبير عن الفرح أو الحزن، الأعراس أو الأتراح، فإن في مسرح فرقة فهد العبد الله لا تزال وقائع الماضي الجميل للدبكة وبعض الرقصات التراثية ماثلة للعيان وتحييها على الخشبة عناصر بشرية، احترافية، جعلها العبد الله هدفاً وطريقاً لإحياء ما كان من الفنّ الرائع، وقد تغيرت وجوه وقامات في الفرقة عشرات المرات حفاظاً على حيوية المشهد الجمالي، منذ ثلاثين عاماً حتى اليوم. وفهد العبد الله الذي أثارَ، قبل شهرين، وعلى شاشة تلفزيون لبنان، موضوع مهرجانات بعلبك الدولية، وكيفية اختيار لجنة المهرجانات العروض اللبنانية المحلية التي تحيي «الليالي اللبنانية»، منتقداً ما حصل هذا العام من وجهة نظره، كونه كان مرشّحاً أول ثم اختير غيره - كما قال - في اللحظة الأخيرة... وقد ردّت عليه لجنة المهرجانات برواية أخرى... فهو (العبد الله) لم يكن يقصد التجريح، كما يُؤكّد ل «الحياة»، باللجنة ولا بتاريخها، بقدر ما رغب في الإضاءة على أن تجديداً ما باتَ مطلوباً في دم اللجنة من أجل أن تكون الأحكام على الأعمال المقترحة أكثر ارتباطاً ب «الليالي اللبنانية» الحقيقية. وأن يجري تقدم على صعيد فتح الفرص أمام الأعمال الابداعية من دون «مداخلات». ولا ينسى العبد الله كيف أنه وفرقته عام 2002 وقف في مهرجانات بعلبك مع الفنان الكبير وديع الصافي حيث أحيا مهرجاناً ظلت أصداؤه الإيجابية تتردد حتى الآن. وقد استعد لعمل جديد يمكن أن يكون فتحاً جديداً في عالم الرقص الشعبي... حسناً تفعل وزارة الثقافة في اعتمادها فرقة فهد العبد الله في أغلب «الأسابيع اللبنانية» التي تقام في العالم العربي والعالم ككل، ضمن مهرجانات عالمية، وحسناً تفعل الفرقة في الاستعداد الدائم لمهرجانات البلد وخارجه، وحسناً يفعل فهد العبد الله في التحدِّي المستمر منذ 1978 حتى اليوم.