يستعد المغرب لإطلاق العمل ب «القطب المالي الدولي» في الدارالبيضاء، المعروف أيضاً ب «مدينة الدارالبيضاء المالية» مطلع العام المقبل، بعدما صادق البرلمان على القوانين المتعلقة بخدماته ونشاطاته، التي عُهد بإدارتها الى «الهيئة المالية المغربية»، وهي شركة برأس مال 120 مليون درهم (14.25 مليون دولار) قابلة للزيادة، بالتعاون مع المصارف التجارية، و «صندوق الإيداع والتدبير» (سي دي جي)، الذراع الاستثمارية لمؤسسات القطاع العام المحلي. وقال وزير المال والاقتصاد صلاح الدين مزوار ل «الحياة»، إن المركز المالي سيمكن من زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنحو اثنين في المئة سنوياً، من خلال جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتمويل مشاريع اقتصادية محلية، والتحول الى قطب إقليمي في القارة الأفريقية، التي اعتبرها من بين المناطق التي ستشهد تدفقاً كبيراً لرؤوس الأموال الخارجية بعد انتهاء الأزمة الاقتصادية العالمية، إذ يراهن الاقتصاديون على تحول أفريقيا الى قطب جديد للتنمية في العالم. ويحتل المغرب المرتبة الثالثة في حجم النشاط المالي، بعد جنوب أفريقيا ومصر. وأضاف الوزير إن «القطب المالي الدولي» يندرج في إطار خطة استراتيجية مالية واقتصادية، تهدف الى جعل المغرب مركزاً إقليمياً ودولياً للخدمات المالية والنشاطات الاستثمارية والتأمين وتوظيف الأموال، بما يزيد من جاذبية المنطقة لتلقي تدفقات مالية أكبر على غرار أسواق مالية دولية أخرى، إذ يزيد الاهتمام بالأسواق الناشئة، لافتاً إلى وجود مجموعة من مشاريع القوانين يُعد لها لتواكب الإصلاحات التي يحتاجها عمل المركز المالي، من بينها فتح رأس مال شركة «بورصة الدارالبيضاء»، وتحويلها الى بورصة إقليمية لمجموع شمال أفريقيا وغربها وجنوبي البحر المتوسط. ويقدر رأس مال البورصة المغربية حالياً بنحو 600 بليون درهم. وكشف مزوار أن الرباط في صدد اتصالات مع مراكز مالية دولية بينها سوق المال في لندن، لتكون شريكاً تقنياً لمشروع «القطب المالي المغربي»، الذي سينجز بالكامل عام 2014، بعد الانتهاء من البنى والتجهيزات المكتبية لإيواء مقرات الفروع والشركات الدولية. وقال إن «المغرب يملك جاذبية استقطابية بفضل دينامية النمو الاقتصادي والإصلاحات المختلفة في المجالات كلها، ويعمل على مدى العقد المقبل من أجل التحول الى قطب مالي وتجاري وصناعي وتكنولوجي وسياحي إقليمي من خلال برامج استراتيجية ضخمة تستفيد من التحولات المرتقبة في خريطة توزيع التدفقات والاستثمارات العالمية». وجاء في دراسة أعدتها «الهيئة المالية المغربية»، المشرفة على «القطب المالي الدولي» في الدارالبيضاء أن تأثير الدول الناشئة في الاقتصاد العالمي أصبح أكثر حضوراً بعد الأزمة العالمية، بفضل النمو المتسارع، حيث أضحت تلك الدول تشكل ثلث الاقتصاد العالمي، بعد أن كانت لا تتجاوز الخمس قبل 10 سنوات. وزادت الاستثمارات الأجنبية نحو أفريقيا 27 في المئة خلال تلك الفترة، مع تحسن في الدخل القومي نتيجة ارتفاع أسعار المواد الأولية والإصلاحات الداخلية. ويرغب المغرب وفق الخريطة الاقتصادية الجديدة، لعب دور همزة وصل بين أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط، في منطقة التلاقي بين العالمين العربي والغربي على مدخل جبل طارق.