أوساط المال والإعلام الاقتصادي العالمي ستلقي الأضواء هذا الأسبوع على كيتو عاصمة الإكوادور أصغر دولة مصدرة للنفط التي تستضيف مؤتمراً استثنائياً لمنظمة «أوبك» يوم السبت المقبل (11 كانون الأول) في ظل أسعار نفط بلغت في الأسبوع الماضي أكثر من 90 دولاراً للبرميل. انضمت الأكوادور الى «اوبك» في عام 1973، ثم انسحبت من المنظمة في 1992 كون إنتاجها النفطي انخفض بشكل كبير. وقد استثمرت في قطاعها النفطي وعاد إنتاجها الى مستوى مكّنها من العودة الى «أوبك» منذ القمة التي عقدتها المنظمة في الرياض في تشرين الثاني (نوفمبر) 2009. واليوم تستضيف الإكوادور للمرة الثانية مؤتمراً استثنائياً للمنظمة (كانت استضافتها في أوائل الثمانينات عندما كان احمد زكي اليماني وزيراً للنفط في السعودية). وطالما أن العرض والطلب على أسواق النفط متوازنان، فلا داعي لدول «أوبك» أن تزيد إنتاجها أو تخفضه، لأن عوامل السوق الحالية لا تتطلب ذلك، إلا أن أسعار النفط تجاوزت لمدة قصيرة المستوى العادل لسعر النفط الذي تراه السعودية مناسباً للمستهلكين والمنتجين وللاقتصاد العالمي، وهو ما بين 70 الى 90 دولاراً للبرميل كما قال وزير النفط علي النعيمي. فالتجاوز الآني الذي حدث في الأسبوع الماضي عندما قفز سعر برميل البرنت فوق 90 دولاراً لن يؤدي الى زيادة «أوبك» وأكبر دولة منتجة فيها - السعودية - انتاجها، لأن العرض والطلب في توازن، وأي زيادة إنتاج ينبغي أن تؤخذ على أساس عوامل السوق لا على مستوى الأسعار الذي أصبح مرتبطاً منذ فترة بالأسواق المالية ووكلاء المال الذين يريدون استقطاب مستثمرين في أسواق المستقبلين للنفط. فهذه الأسواق تختبر المستثمرين وتنشر معلومات عن احتمال وصول سعر برميل النفط الى أكثر من مئة دولار للبرميل وتعمل على تشجيع أصحاب الأموال على الاستثمار والمضاربة في النفط. وعلى رغم المشاكل والأزمات المالية التي شهدتها أسواق المال الأميركية، ما زالت ممارسات وكلاء المؤسسات المالية الكبرى كما هي، لتشجيع الاستثمار في النفط، ف «أوبك»، وبالأخص السعودية، لن تبني استراتيجية إنتاجها وتصديرها النفطي على اساس ارتفاع اسعار ليست له علاقة بأسس السوق، وطالما ليس هناك نقص في العرض لن تزيد إنتاجها، كما انها لن تخفضه طالما ليس هناك فائض. فلا شك في ان السعودية، وهي الدولة الأساسية في «أوبك» من حيث إنتاجها ستراقب لمدة اسابيع وأشهر تطور اسس السوق وتنتظر لترى ما اذا كان هناك انتعاش حقيقي في الطلب لتعود وتضخّ في الأسواق الكميات التي سحبتها للحفاظ على استقرار السوق واستقرار الأسعار، فلدى السعودية الآن حوالى 4 ملايين برميل من النفط يومياً غير مستخدمة. واستراتيجية السعودية هي الحفاظ باستمرار على طاقة إنتاجية فائضة بمليون ونصف الى مليوني برميل في اليوم غير مستخدمة لمواجهة أي طارئ في العرض في الأسواق العالمية، وسبق للسعودية ان خفضت إنتاجها منذ حوالى سنتين تماشياً مع قرار «أوبك» تخفيض الإنتاج لحماية أسعار النفط من تدهور كان وشيكاً. ومن المتوقع ألا تغيّر «اوبك» رسمياً مستوى إنتاجها الذي كانت قررت تخفيضه في مؤتمر وهران في الجزائر منذ حوالى سنتين. ولكن من الملاحظ ان عدداً من الدول في «اوبك» خفضت نسبة التزامها بالتخفيضات الماضية نظراً لتحسن الأسعار، فكثيراً ما حصل ذلك في تاريخ «اوبك» عندما ترتفع الأسعار، ولكن سرعان ما تخاف الدول غير الملتزمة عندما تشعر ان اسعار النفط تكاد تتدهور. وحتى الآن عموماً تمكنت «أوبك» من منع هبوط الأسعار الى مستويات سلبية على اقتصادها. ومؤتمر «أوبك» في كيتو عاصمة الإكوادور ليس تجاوباً بروتوكولياً مع دعوة هذا البلد الى استضافة مؤتمر استثنائي، ولكن المرحلة الحالية ليست كافية للتأكد من ان ارتفاع الطلب كبير والعرض غير كاف. فعلى رغم البرد القارس في أوروبا وتوقع زيادة الطلب، ستبقى «اوبك» حريصة على مراقبة تطورات اسس السوق قبل تغيير رسمي لمستوى الإنتاج، فسعر النفط ما زال عند المستوى المنشود للسعودية، وهو بين 70 الى 90 دولاراً للبرميل.