تسمعون كثيراً على مدار السنة بعض المراهقين من الجنسين كلمة «حبتين»، فإذا شاهدوا أحد المفحطين صرخوا بها، وإذا أمتعهم لاعب يسحب في الكرة ويبرز مهاراته قالوها بصوت عال، بل حتى إذا رأوا من سيتزوج حديثاً قالوها لها أو له، والمعنى أنهم يطلقونها على كل ما هو مثير، بغض النظر عن نوع الإثارة، سواء كانوا متحمسين، أو ساخرين، أو حتى متطفلين مراقبين، أو ربما عاجزين عن التعبير، وسمع البعض منكم الكلمة في فيلم التطوع الذي نشره أحد الشباب على موقع «اليوتيوب». الخبر المحزن على ذمة ناشطة في المنتديات اسمها «طيوفه» أن أصل الكلمة عند المراهقين له علاقة بالجنس والمخدرات، الجنس غير السوي تحديداً، والمخدرات التي تأتي على شكل حبوب، لكن انتشارها أوحى للكثيرين أنها من تقليعات المراهقين، وهي تحذر الأهل من السماح لأبنائهم بلفظها. ونحتاج إلى تأكيدات من مصادر غير راشدة لجهة المرحلة العمرية، وهو أمر صعب، إذ حاولت سؤال الكثير من الشباب المراهقين فاكتشفت أن كثيراً لا يدري من أين أتت، ولا يدري متى يمكن استخدامها ويكون في الموقع الصحيح. في محكيات عربية كثيرة يقال «زودوها حبتين» أو «زيادة حبتين» كناية عن قرب مرحلة طفح الكيل، وهي لتقريب الصورة المرحلة التي لا يعود الموظف فيها يبالي بإنذارات مديره المتسلط، أو الزوج ب «زن» شريكته المتسلطة، أو الزوجة بكثرة غياب «أبو رحلة» أو «أبو العريف» تبعاً لتعريفها الإيحائي السيكولوجي لزوجها.. ما علينا. المراهقون في المدن الكبرى يفتقدون آباءهم، وعودتهم إلى المنازل حاملين «حبتين تميس» وصحن الفول أو «الشكشوكة» أو ذاهبين بهم إلى البراري لشواء حبتين من الدجاج، وهم يصرخون بهذه الألفاظ تنفيساً عن فقدهم رائحة «التميس» لصالح رائحة الزيوت في الوجبات السريعة التي يوصلها رجل «مسوي فيها حبتين» من وجهة نظرهم، وإضافة إلى هذا هم يتغنون «زودوها حبتين» لمحاولات استقطابهم إلى يمين متشدد أو يسار منفلت، في المدرسة والسوق والتلفزيون وحتى في أشرطة الكاسيت ووسائل الاتصال الأخرى. لعلي أهذر، وهذا بالضبط ما تلحظه على نقاش مفتوح مع مراهق لا يخشاك أو لا يهمه رأيك، تجده حائراً، وما استخدامه للفظة لا يعرف معناها، وهو معنى سيء غالباً إلا محاولة للهروب من تحديد موقفه من الأشياء، كل الأشياء، التفحيط، وكرة القدم، والأناشيد الدينية، ونقاب بنت عمه، وقنوات التلفزيون، بل وحتى المطاعم والمنتجات الغذائية. حبتان، بدلاً من أن تكونان «حبة فوق وحبة تحت» ونتندر بها، أصبحتا، حبة يمين، وحبة يسار، وكل حبة تحاول أن تبدو لنا وبلغة المراهقين وكأنها «مسوية فيها حبتين». [email protected]