«واثقة من إمكانياتي ومن قدرتي على العمل ولكني لا أعلم اين ولا كيف». بهذه الكلمات تعبر ديمة، سنة رابعة حقوق في جامعة دمشق، عن قلقها من احتمال عدم ايجاد عمل بعد التخرج. وتقول: «انتظر يوم تخرجي بفارغ الصبر لكن خوفي يغلب سعادتي كلما فكرت بالعمل». ويؤكد سيف (26 سنة) وهو خريج تجارة واقتصاد، صحة كلام ديمة متحدثاً عن خيبته لكونه انضم الى فئة «العاطلين من العمل». وعلى رغم مرور نحو 9 سنوات على استحداث «مكاتب التشغيل» التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والمنتشرة في جميع المحافظات السورية، لا يزال شبح البطالة يطارد الشباب على اختلاف شرائحهم. واثبتت التجربة ان تأمين الوظائف للباحثين عنها بات حلماً يصعب تحقيقه، بحسب مجموعة من شباب طال انتظارهم على ابوابها، ويقول احدهم: «لم تنجح هذه المكاتب إلا في إحصاء أعداد المتقدمين إليها!». وبغض النظر عن التعريف الشاسع للبطالة الذي أوصت «منظمة العمل الدولية» باعتماده، وهو أن «العاطل من العمل هو الفرد الذي يكون فوق سن معينة بلا عمل وهو قادر على العمل وراغب فيه ويبحث عنه عند مستوى الأجر السائد لكنه لا يجده»، وبعيداً من الفروقات اللغوية بين «العاطل» و «المتعطل» وغيرهما من التسميات، يبقى للبطالة في المفهوم السوري العام معنى واحد يتمثل في أعداد كبيرة من الخريجين الذين امتهنوا «البحث عن عمل» من دون جدوى. ويشكو الشباب السوريون من عدم تكافؤ الفرص، بسبب المحسوبيات والعلاقات الشخصية في اي عمل، وشروط تعجيزية تطلب من المتخرجين حديثاً مثل الكفاءات العالية والخبرة. ويوضح سيف ان محاولاته للعثور على وظيفة باءت بالفشل وغالباً ما يكون العذر «نحتاج لشخص أكثر خبرة». ويضحك مستغرباً: «من اين آتي بالخبرة والكل يرفض منحي إياها». ويؤكد أمثال سيف على ان هذا الواقع ولّد لديهم حالة «مُعدية» من «اليأس والاحباط»، متوجهين ب «الشكر الكبير» للمقاهي التي تستضيفهم من «صباح فيروز إلى ليل ام كلثوم». وعلى الضفة الأخرى، يرى بعض الشباب ان البطالة في سورية ليست مشكلة محلية بل عالمية وتعاني منها معظم دول العالم. ولكن سببها المحلي من وجهة نظرهم، متعدد الجوانب، وأهم هذه الجوانب ضعف النمو الاقتصادي في القطاعين العام والخاص وتضاؤل الطبقة الوسطى وأصحاب المهن والمشاريع الصغيرة، إضافة إلى سعي الغالبية لتأمين وظيفة حكومية باعتبارها «أكثر أماناً واقل جهداً» في حين ان القطاع الخاص يتطلب الكثير من الجهد مقابل مردود مادي لا يساويه. وتؤكد الاحصاءات الرسمية في سورية أن نسبة البطالة 8.1 في المئة، بينما تجزم مصادر مستقلة بتجاوزها عتبة 30 في المئة. ويؤكد عبد السلام هيكل وهو من بين رجال الاعمال الشباب في سورية والرئيس التنفيذي لشركة «ترانستك للأنظمة»، ان «لكل جهة طريقة معينة لقياس البطالة ولذلك تتباين الارقام في شكل لافت». ويضيف: «بالنسبة اليّ، نسبة البطالة في المجتمع السوري غير مهمة بمقدار انتاجية القوى العاملة»، مشيراً إلى فجوة بين مدخلات ومخرجات سوق العمل. ويقول: «مشكلة الشباب السوري تكمن في احساسهم بانعدام الأمل وبالتالي عدم الرغبة في المحاولة او التعلم، اي ما يسمى بالعجز المكتسب». وفي ما يخص المحسوبيات او الواسطات، يقول هيكل: «اتهام القطاع الخاص بالسعي للربح وكثرة الوساطات في الوقت نفسه فيه تناقض كبير. ومن غير المهم كيف حصل شخص ما على وظيفة اذا كان يتمتع بالكفاءة اللازمة». ويرى هيكل ان الحل يكمن في «التعليم والتدريب وإنشاء مراكز للتأهيل والارشاد المهني تساعد الخريج في تحديد واختيار اهدافه كي نتمكن من إنشاء كوادر قادرة على خلق فرص العمل وبالتالي إنعاش المؤسسات». والواقع ان من بين 16 جامعة خاصة في سورية، هناك مركز واحد للارشاد المهني والأكاديمي في جامعة القلمون. وتقول مديرة المركز دانيا عيارة: «أنشئ المركز عام 2006 وعمله يتضمن تقديم الارشاد والتوجيه قبل التخرج للطلاب من طريق إقامة ورش العمل التي تعرض حاجات السوق السورية».