أنهت «عاصفة الحزم» الحلم الإيراني في التوسع بالمنطقة ونشر الفوضى في اليمن، كما حدث في البلدان التي دخلتها طهران ابتداء من سورية والعراق وغيرها، وأعطت «العاصفة» التي تمر الذكرى الثانية لها، والتي انطلقت في آذار (مارس) 2015، لتبدد الأطماع الخارجية في المنطقة العربية، بعد نداء الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وقادة الخليج العربي لتخليص بلاده من ميليشيات الحوثي، التي سيطرت على السلطة في العاصمة صنعاء بقوة السلاح والدعم الخارجي، ونهبت الممتلكات والثروة في أيام. وسجلت تلبية دول الخليج العربي لإغاثة اليمن وجهاً جديداً للمنطقة في الوقوف مع الحق اليمني، إذ برز دور سعودي جديد يعمل على إنهاء الوجود الإيراني في المنطقة العربية والأفريقية، وتشكلت تحالفات إقليمية جديدة لإنهاء العبث في الدول العربية، ويصف مسؤولون عرب العاصفة بأنها «أعادت التاريخ العربي في التمسك بوحدة المصير». وقال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي أمس، في الذكرى الثانية لانطلاق «عاصفة الحزم» إن القوات العربية جاءت «فعلاً عربياً لإنقاذ الشعب اليمني من الميليشيا الطائفية، وإسهاماً في الجهد اليمني لاستعادة الدولة والحفاظ على وحدة اليمن». وأكد أنه «سيبقى الشعب اليمني مديناً بالعرفان للأشقاء في دول التحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية، لما قدموه من تضحيات ودعم في مواجهة الانقلاب»، وأن الشعب اليمني يثق بأن «أشقاءه في دول الخليج العربي، الذين قدموا الدم انتصاراً له، وفي المقدم السعودية والإمارات». وأكد مراقبون للشأن اليمني أن السيناريو المرعب كان ينتظر البلاد، لو لم يتخذ القرار التاريخي بتنفيذ «عاصفة الحزم»، إضافة إلى الضرر الذي سيلحق الملاحة الدولية في مضيق باب المندب الاستراتيجي، لو استمر انقلاب الحوثي والمخلوع صالح. وقال أستاذ العلوم السياسية السابق في جامعة صنعاء الدكتور نجيب غلاب، في وقت سابق، لوكالة الأنباء السعودية: «إن مشهد استيلاء الميليشيات الحوثية على العاصمة اليمنية صنعاء وفرض السيطرة على مربعات السلطة، كان محزناً»، وأضاف: «نتذكر حينها أن أحد المسؤولين الإيرانيين خرج بتصريح مفاده (أصبحنا نسيطر على العاصمة العربية الرابعة)». وأضاف: «بعدها قام الحوثيون بمناورات عسكرية بالقرب من الحدود السعودية، تحمل رسائل ومؤشرات واضحة للجوار، ورأينا وفوداً حوثية تزور طهران وتوقع على اتفاقات عدة مختلفة، تزامن ذلك مع رحلات طيران إيرانية يومية للعاصمة صنعاء، كل ذلك يدل على أن ما حدث هو مخطط إيراني عبر وكيل محلي هو الحوثي». ورأى غلاب، الذي يترأس مركز الجزيرة للدراسات، أن «المخطط الإيراني كان يرى اليمن المدخل الأهم لتصدير الثورة، وتكوين نظام متطابق مع النظرية الخمينية، وجعل اليمن أهم المراكز الحيوية لصورتها، بحكم موقعه الجغرافي ومركزيته في الهوية العربية». وأكد أن سيطرة إيران على اليمن: «تمنحها قوة تأثير على أمن الخليج وبحر العرب وأمن البحر الأحمر، وبالتالي محاصرة السعودية ودول الخليج، وإضعاف تأثيرها في مواجهة تصدير النفوذ الإيراني، وتحكمه في المنطقة من العراق مروراً بسورية وصولاً إلى اليمن». من جهته، قال الدكتور حسين بن لقور الأكاديمي والسياسي اليمني في وقت سابق: «من الصعب جداً تصور الوضع الإقليمي فيما لو نجح الحوثي في إحكام السيطرة على اليمن، في ظل انهيارات متلاحقة تضرب الدول العربية لمصلحة عصابات وميليشيا طائفية دفعت بها إيران، لإثارة الفوضى والسيطرة على بلدان عربية بأكملها، سواء في العراق أم سورية أم لبنان». غامبيا تدين استهداف المساجد من جهته، استنكر نائب الأمين العام للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في غامبيا محمد الأمين خليفة سيلا أمس، الجريمة التي ارتكبتها ميليشيات الحوثي بحق الشعب اليمني البريء، وذلك باستهداف المصلين بمسجد كوفل بصرواح في محافظة مأرب أثناء صلاة الجمعة الماضية، حيث سفكت دماء المواطنين اليمنيين الأبرياء وأزهقت الأرواح من دون أي حق يذكر. وقال في تصريح له أمس: «إن تلك الأعمال الإجرامية دليل صارخ على ما وصلت إليه هذه الفئة الضالة من انحطاط أخلاقي، وتخلف ديني، وانتكاسة قيمية وفكرية، وتجردها من كل المشاعر الإنسانية النبيلة»، مشدداً على أن ما قامت به تلك الميليشيات يدل دلالة واضحة على تدني أخلاقيات المشروع الصفوي الإرهابي في العالم الإسلامي، من تدمير وتنكيل، ومحاولة طمس هوية الثقافة الإسلامية الأصيلة من نفوس أبناء المسلمين. وناشد الأممالمتحدة والمجتمع الدولي والمنظمات المعنية اتخاذ موقف حازم وعاجل إزاء تلك الجريمة الدموية الوحشية النكراء، التي هي من قبيل جرائم حرب ضد الآمنين الأبرياء من عباد الرحمن في المسجد، داعياً الله تبارك وتعالى أن يحفظ اليمن وشعبه من الحوثيين، ومخلفات العابثين بأرضه وثروته، وأن يديم الاستقرار والأمن والأمان فيه. ابن دغر: «العاصفة» جسّدت معنى الأخوة أكد رئيس الحكومة اليمنية أحمد عبيد بن دغر أمس أن «عاصفة الحزم» قضت على المشروع الإيراني وخطط طهران في إيجاد موضع قدم لها في اليمن لتهديد دول مجلس التعاون الخليجي واستهداف أمنها واستقرارها، إضافة إلى ابتزاز المجتمع الدولي بتهديد سلامة الملاحة الدولية في مضيق باب المندب. وقال رئيس الوزراء اليمني، في تصريح نقلته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية: «إن عاصفة الحزم جسدت بأبهى صورها المعنى الحقيقي للأخوة الصادقة والتلاحم الاستثنائي في مرحلة مفصلية كان المستهدف فيها الهوية العربية برمتها». وأضاف: «إن أذيال وأدوات إيران في اليمن، ممثلة بميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية، لم تعد قادرة على فرض مشروع طهران، بعد الهزائم الموجعة التي تلقتها من الجيش الوطني وقوات التحالف العربي لدعم الشرعية والمقاومة الشعبية». ولفت إلى أن العاصفة أعادت نحو 85 في المئة من الأراضي اليمنية للحكومة الشرعية، وأكد: «آن الأوان لتراجع إيران حساباتها، وتدرك أن العرب بعد عاصفة الحزم ليسوا كما قبلها، ولم يعد مقبولاً استمرارها في سياستها العدائية، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وستتم مواجهتها بحزم، على شاكلة ما جرى لها ولأتباعها في اليمن».