استخدم الشيخ عبدالرحمن البراك - الأستاذ بالجامعة «سابقاً» - تقنية «الانترنت» - التي أسسها «الكفار» - من خلال موقعه «المحجوب!» لينشر بياناً عن «الجهاد» ضد الكفار، وقد أصدره بعد أيام من إعلان وزارة الداخلية عن القبض على مجموعة من الخلايا الجديدة! ولا يستطيع أي متفذلك أن يعطي المصادفة أي فرصة، فالأمر أوضح من الشمس في رابعة النهار، وحتى أكون منصفاً فإنه لا مناص من القول بأن اسم البراك كان تغطية على من كتب البيان، أو أعطى معلوماته – على الأقل - من جلساء الشيخ المعروفين جيداً، وقد لفت نظري أن البيان المكتوب باسم البراك أشار إلى الرأي الذي قال به المفكر سلمان العودة في ما يتعلق بأنواع الجهاد، وشتان ما بين الاثنين، فالمقارنة ظالمة بين رمز إسلامي عالمي مثل العودة الذي يطرح رؤية إسلامية رائعة تسهم في نشر الإسلام المتسامح في أرجاء الكون، وبين البراك ورؤيته التي تمثلها بياناته المتتالية منذ سنين التي لا تحتاج إلى تعليق، ويبدو أن ما أغضب أتباع البراك هو عدم إقرار العودة لجهاد «الطلب» – أي البدء بجهاد الكفار حتى ولو كانوا مسالمين - ما يعني الإضرار بقاعدة الخوارج الذين يستغلون ذلك في تجنيد الشباب للجهاد، أو بمعنى آخر «للقيام بعمليات انتحارية». البيان أعلن الحرب على الكفار وطالب بإلغاء المواثيق الدولية التي وقعت عليها الدول الإسلامية ومنها هذا الوطن، ما يدل على أن البراك يعيش في عالم آخر ولا يدرك ما يدور في هذه القرية الصغيرة التي تُسمى «العالم»، إذ إنه حتى ولو لم يكن هناك مواثيق دولية تمنع الاعتداء على الآخرين، فإنه لم يعد هناك بلد نستطيع أن نقول إنه بلد كافر، كما في الأزمان الغابرة، فالمسلمون يوجدون في كل بقعة جغرافية على وجه المعمورة، كما أنهم يمارسون شعائرهم الدينية بكل حرية، بل إن بعض الدول التي يسميها البراك بالكافرة ويدعو شبابنا إلى جهادها تساعد جزئياً أو كلياً في بناء المراكز الإسلامية! ثم هل يعلم البراك أن «مبروك» الشاب العربي المتدين اختار الإقامة في بلد كافر اسمه أميركا، بعد أن بذل كل جهد ممكن في هذا السبيل، لأنه لا يستطيع أن يمارس شعائره الدينية بحرية في بلده المسلم! وقد يكون مفيداً أن يعلم البراك أن الدكتور المسيحي – السيد جانسون – المسؤول عن الطلاب الأجانب في جامعتنا الأميركية وفر لنا إحدى القاعات الدراسية لنتمكن من أداء الصلاة جماعة، فهل يستحق هذا الكافر أن نجاهده ونسبي نساءه ونستعبدهم يا عبدالرحمن البراك؟ ثم لا أدري إن كان البراك - الذي يعتقد أنه لا هم للكفار إلا غزونا غزواً مسلحاً أو فكرياً – يدري أن تلك الشابة الأفغانية المسلمة التي قطع زوجها المسلم أنفها وأذنيها تم غزوها من الكفار والرحيل بها من أفغانستان - البلد المسلم - إلى أميركا - البلد الكافر - لا لتحويلها إلى الدين المسيحي وإنما لعلاجها وهو ما تم، إذ تكفل الكفار بعلاجها مجاناً، وقد كلف ذلك ملايين الدولارات، وأبشرك يا شيخ البراك أنها لا تزال - وهي في معقل الكفار - على دينها وتمارس شعائرها الإسلامية في أحد المراكز الإسلامية. هل تذكر يا شيخ البراك مسلمي البوسنة وما حل بهم من الصرب؟ وهل تعلم من الذي جاهد في سبيل إنقاذهم؟ إنه حلف الناتو الكافر بقيادة الرئيس الأميركي الأسبق كلينتون، وقد أنقذوهم وجعلوهم يعيشون بأمان حتى هذا اليوم، ولعله لا يخفى عليك - يا شيخ - أن مسلمي العرب جاهدوا في البوسنة ولكنه جهاد من نوع آخر، إذ ما كاد الكفار يحرروها حتى هبوا إلى هناك للزواج مسياراً من أخواتهم المسلمات البوسنيات، وقد بلغت تضحياتهم حد أن بعضهم هجر أبناءه في بلده وأقام هناك، وإن شئت قائمة بالأسماء زودناك بها ولا نبالي! لا ندافع عن الكفار – يا شيخ - وإنما الإنصاف يقتضي أن نقول إنهم لم يغزوا بلاد المسلمين فقط، فقد هاجموا الصرب وكوريا واليابان وفيتنام وبنما وقرينادا وغيرها، وهي بلاد غير مسلمة، ومصالحهم هي التي تحركهم، وأرجو ألا يقول لي أحد إن إعلاء كلمة الله فقط كانت هي الدافع المحرك لكل حروب الدول الإسلامية على مر التاريخ، خصوصاً المتأخر منه. اتق الله بأبنائنا يا شيخ ولا تحرضهم على الجهاد، وليتك ترى الثكالى واليتامى والمحزونين الذين فقدوا أبناءهم نتيجة لحماستهم مع مثل بيانك، فهل ترضى بأن تكون سبباً لمثل ذلك؟! لو أن بيانك يا شيخ كان مكتوباً على رقعة من أديم ومرسلاً مع راكب حصان من خيمة بالصحراء يطهو ساكنوها طعامهم على الحطب لتفهمنا ذلك، ولكن أن ينشر بيان حرب «الكفار» على شبكة هم الذين أسسوها وطوروها، بعد أن تم إملاؤه من غرفة مكيفة ومؤثثة من إبداعهم، وبعد ذلك يركب الجميع – بمن فيهم أنت - سياراتهم الفارهة، فهذه «قوية جداً» يا شيخ. وختاماً، ما الفرق بين بيانك يا شيخ وبين البيانات التي تنشرها بعض جماعات العنف عبر «الانترنت» و«الفضائيات»؟ شخصياً لا أرى أي فرق... فهل ترون فرقاً؟! كاتب سعودي [email protected]