حيد وزير الداخلية اللبناني زياد بارود نفسه في السجال الدائر حول الإجراء الذي اتخذه بحق المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء الركن أشرف ريفي، على خلفية كتاب رفعه الأخير اليه عن توقيف القيادي في «التيار الوطني الحر» فايز كرم بشبهة التعامل مع اسرائيل، وتسرب الى بعض الصحف، والعقوبة التأديبية التي اتخذها بحقه. واعتبر بارود في تصريح امس، انه يعمل «من ضمن المؤسسات وليس لدي مشكلة مع اللواء ريفي شخصياً، كل ما اقوم به لمصلحة قوى الأمن الداخلي»، لافتاً الى ان «التدبير الذي اتخذته هو اقل ما يمكن لوزير ان يتخذه لتخطيه». وقال بارود ل «المؤسسة اللبنانية للإرسال»: «أنا مع مؤسسة قوى الأمن الداخلي وعلاقتي ممتازة مع المديرية ككل، ولكن لا أميز بين الشخصي وما حصل البارحة، والذي كان يجب ان يرد على الكتاب الموجه من احد النواب هو مجلس الوزراء، وما حصل اني بعثت الى مجلس الوزراء كل التقارير التي وردت من المديرية العامة مع حرصي على الا يكون فيها جزء سياسي ومع ما اراه مناسباً، لكنني فوجئت ببيان في الصحف من قبل اللواء ريفي». وتابع قائلاً: «أنا حريص جداً على ممارسة صلاحياتي، وقمت بما قمت به من حرصي على المؤسسة، وأتمنى ان تكون حدودها هنا. أنا ادعم مؤسسة الأمن الداخلي الى اقصى الحدود، وقوى الأمن الداخلي يجب الا تنزلق الى السياسة». وشدد على ان «العلاقة مع اللواء ريفي ولا لحظة كان فيها الا الخير ولكن انا حريص على ان امارس صلاحياتي»، واضعاً «هذا الموضوع بين يدي رئيس الحكومة، وأنا على إدراك انه يعرف كيف يعالج الأمور وأنا في النهاية وزير في حكومته». وسجلت امس، مواقف من العقوبة التي اتخذها بارود، منها المستنكر ومنها المرحب. واعتبر عضو كتلة «المستقبل» النيابية خالد زهرمان أنه كان «من واجب وزير الداخلية والأجدى به أن يكون المدافع الأول عن المديرية العامة لقوى الأمن إزاء كل الهجوم والتهديدات والاتهامات التي تتعرض لها ليل نهار، بدل المجاهرة أمام الإعلام باتخاذه عقوبات مسلكية كان يجب أن تبقى سرية تجاه من انتفض للدفاع عن سمعة وشرف وكرامة ضباطه وعناصره الذين قبضوا على عميل فحولتهم التصريحات الكيدية إلى عملاء، بينما نجد آخرين تحت أمرته وتصرفه يخالفون كل الأنظمة والقوانين ويقفزون من شاشة إلى شاشة يهاجمون الدولة ومؤسساتها من دون أي محاسبة». وتابع: «كان الأجدى بالوزير بارود أن يدرك أنه في حالات التعرض للأمن الوطني والقومي يحق للمسؤول الأمني تجاوز بعض التفاصيل الشكلية، اللهم إلا إذا كانت العمالة بالنسبة الى بعضهم ليست مسألة أمن وطني وقومي». ورأى أن «إنجازات المديرية العامة لقوى الأمن وفرع المعلومات بالذات وإن كانت تستحق الشكر والتقدير من كل اللبنانيين على ما قامت به، فإن ضباطها وعناصرها ليسوا بانتظار تنويه من أحد، بل يكفي هذه المؤسسة شرف أن العماد ميشال سليمان خصها بزيارة للتنويه بجهودها في تفكيك أكبر وأخطر شبكات التجسس الإسرائيلية. وهذا أكبر رد على كل المتطاولين والموتورين الحاقدين الذين يعيشون على القدح والذم ولا عمل لهم سوى ذلك». واعتبر عضو الكتلة المذكورة خضر حبيب في تصريح أن «لبنان دخل رسمياً في زمن العجائب والغرائب اذ يستميت بعضهم فيه من الموهومين والمشبوهين للدفاع عن عميل ثبت بالوثائق والمستندات والاعترافات أنه عميل من الدرجة البالغة الخطورة لدى العدو الإسرائيلي». وأكد أن «المطالبة بمحاسبة ومعاقبة من فكك أكثر من 23 شبكة تجسس إسرائيلية هي قمة العهر والفجور السياسي، لأن على لبنان الرسمي والشعبي أن يمنح هؤلاء الضباط الشرفاء في مديرية المخابرات وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي أوسمة ومكافآت وترقيات لأن ما توصلوا إليه على صعيد إسقاط العملاء لم يتمكن أحد من الوصول إليه في تاريخ الجمهورية اللبنانية منذ تأسيسها». في المقابل، رأى امين سر «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي ابراهيم كنعان ان ما قام به اللواء ريفي «يشكل تجاوزاً للأصول الدستورية والبرلمانية في التعاطي مع المجلس النيابي»، طالباً من رئيس المجلس «الدعوة الى جلسة عاجلة للهيئة العامة للبحث في هذه التجاوزات الكبيرة والخطيرة التي يجب الا تشكل سابقة في الأداء الحكومي مع البرلمان». واعتبر «ان اجراء وزير الداخلية في حق ريفي يشكل خطوة مهمة بمعانيها ورمزيته»، مشيراً الى «ان التمادي في هذه الممارسة من قبل الموظفين في الإدارة بتجاوز سلطة الوصاية على صعيد وزارتي الداخلية او العدل يحمل الحكومة ورئيسها تبعات هذه الممارسة». وقال انه «لا يحق للواء ريفي او لمن هو اكبر منه ان يتحدث عن العميد فايز كرم (الموقوف بشبهة العمالة) او عن اي شخص آخر ويصفه بالعمالة قبل صدور حكم قضائي مبرم. كما لا يمكن له او لغيره ان يقترب ولو قليلاً من نضالات ونظافة ووطنية التيار الوطني». واعتبر عضو التكتل المذكور نبيل نقولا أنه «ليس معقولاً على الإطلاق أن يأخذ ضابط مكان القضاة وأن يصدر الأحكام، وأن يتحدّى النواب، فهذا أمر يتخطّى المقاييس». واتهم نقولا «المدّعي العام التمييزي (القاضي سعيد ميرزا) بأنه «سرّب ردّه وحاول أن يكذّب في اليوم الثاني أنه قام بذلك»، معتبرًا أن «ما يحصل هو انقلاب عسكري على السلطات».