مدفوعاً برغبته الخاصة في التعبير عن إعجابه بالعمران المتنوع، وتعدد الأجواء المشهدية الرائقة في الإمارات التي يقيم فيها منذ ست سنوات، مضى الصحافي الأسترالي الجنسية، الفلسطيني فرناندو فرنسيس، يجوب مدن الإمارات وقراها وواحاتها، شوارعها وميادينها وساحاتها، وأمام مساجدها وأبراجها وفنادقها ومبانيها اللافتة، ليلتقط لها الصور في النهار والليل، لإغناء متعته البصرية بما يشاهد، ومما يستكشفه بعدسته في ما يشاهد، ورأى لاحقاً أنْ يضم لقطاته التي تبدت، بفنيتها العالية، لوحات تتوافر على تفاصيل ما تم تصويره، وتبث الإيحاء الجمالي الذي يبهر العين، ويحدث ارتياحاً منعشاً للنفس أحياناً. ضم فرناندو فرنسيس 470 صورة التقطها في مناطق الإمارات في كتاب، اشتمل أيضاً على نصوص موازية باللغة الإنكليزية، حول الإمارات وراهنها ومسار تطورها وازدهارها العمراني والاجتماعي العام، وحول جغرافيتها المتنوعة في الحواضر والأرياف والبوادي والصحارى والواحات، وقام بتحرير النصوص جيرمي إيكليس. صدر الكتاب، قبل شهور، في 420 صفحة من القطع الكبير بغلاف مقوى مغطى بالورق المصقول الفاخر، وعمد فرنسيس بنفسه إلى تصميمه وطباعته في مدينة جوانجزاو في الصين، حيث الإمكانات أكثر جودةً وأقل كلفةً، واختار له عنوان «Glimpses of the UAE» «لمحات من دولة الإمارات العربية المتحدة». يبدأ الكتاب باستعراض موجز للتكوين الفيديرالي للإمارات وتاريخها قبل الاتحاد في 1971، ودور الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في تأسيس الدولة، وييسر معلومات عن البنى التحتية وتطورها، ويوفر مسحاً موجزاً عن كل إمارة، ويفيد في ذلك من مراجع ووثائق وصحف عربية وإنكليزية. ويتصف في نصوصه، وفي صوره البديعة ذات النقاء الأخاذ، بالشمولية، فهناك أبو ظبي ومعها الغويفات والسلع والرويس مثلاً، وهذه من المناطق التي أهملتها الكتب الإنكليزية عن دولة الإمارات. تتجول كاميرا فرناندو فرنسيس بين هذا كله وغيره، وتعاين البوابات الخشبية لمبان تراثية وقلاع قديمة، وتقع على التفاصيل في قلعة الجاهلي ومتحف قصر العين الذين كان قصراً للشيخ زايد. وتروح إلى جبل حفيت والفندق عليه على علو ألف متر عن الأرض، وإلى واحة ليوا وإلى مياه مسافي في الفجيرة والخضرة الوفيرة في العين وغيرها، وإلى المباني بالطوب الأحمر في جزيرة بني ياس، وإلى البستكية والجميرا في دبي، والرمال البيضاء في حتا، والسوق الإسلامي والقصباء وعين الإمارات في الشارقة، وإلى دفء عميم في رأس الخيمة وعجمان والذيد وخورفكان وكلباء، في شوارع هذه المدن والبلدات وقلاعها ووديانها وجبالها، حيث تتآخى الأناقة والنظافة، وحيث تحقق لفرناندو فرنسيس، بعد خبرة طويلة في متابعة حروب وأحداث سياسية ساخنة في صحف ومطبوعات عربية وأجنبية عمل فيها سنوات، أن يكون فوتوغرافياً فناناً.