لا شيء ثابتاً إلا التغيير. «معادلة» تنطبق تماماً على بطولة العالم لسباقات «فورمولا 1» التي ينطلق موسمها غداً من حلبة «ألبرت بارك» في ملبورن الأسترالية، ويختتم بعد 20 جولة في أبوظبي (26 تشرين الثاني/ نوفمبر، حلبة ياس مارينا). هكذا يصبح الانضباط عابراً وموقتاً، ويجتهد «المشرّعون» لتعديل اللوائح وإحداث تغيير خشية «الجمود» والملل، ولضخ حيوية تخردق هيمنة صارخة تفرضها فرق كمرسيدس المسيطر في الأعوام الثلاثة الأخيرة. ومن هذا المنطلق، جاءت التعديلات، خصوصاً انسيابية السيارات التي أصبحت بعرض مترين تقريباً من الجهة الخلفية من دون احتساب الإطارات، مترافقة مع انكفاء عرّاب السباقات السابق البريطاني بيرني إيكلستون (86 سنة) الذي نُحّي عن سلطة القرار في البطولة بعد انتقال الملكية إلى «ليبرتي ميديا» الأميركية واستُبدل به تشايس كاري، وبعدما حوّل فورمولا واحد إلى إحدى أكثر الرياضات ثراء وشعبية، وتحكّم بمفاصلها 40 عاماً، جاعلاً منها إمبراطورية تجارية ذات علامة فارقة. وللمرة الأولى منذ 1993، لن يدافع البطل عن لقبه بعدما آثر الألماني نيكو روزبرغ الاعتزال في القمة غداة تتويجه في الموسم الماضي متفوّقاً على زميله في مرسيدس البريطاني لويس هاميلتون بفارق 5 نقاط. وهو انتقد تغيير القوانين التقنية للبطولة التي ستجعل التجاوزات أصعب لأن «الأولوية بالنسبة إليهم هي زيادة المعارك والتجاوزات». كما يذكّر الموسم ببدايات الألفية الثانية حين برز الفنلندي كيمي رايكونن والإسباني فرناندو ألونسو، اللذان أصبحا في «غسق» حياتهم المهنية مقارنة بالمواهب الصاعدة الهولندي ماكس فيرشتابن (19 سنة) الذي يخوض موسمه الثالث (رد بل)، وسائق فورس إنديا الفرنسي استيبان أوكون (20 سنة) وسائق وليامس مرسيدس الكندي لانس شترول (18 سنة). ويبدو هاميلتون مطارداً الأرقام القياسية، فحامل اللقب ثلاث مرات لا يستمتع إلا بطعم الفوز، خصوصاً أنه لم يمر موسم منذ أن بدأ المنافسة في فئة «فورمولا 1» من دون أن يحصد انتصاراً، وبالتالي لا يجد «النجوم بعيدة منه». يقود مرسيدس في ظل تحديات جديدة، «يتيماً» من ألدّ أخصامه روزبرغ، ومحاذراً طموح فيراري الذي دفع بسيارته «أس 70» صاحبة أفضل الأوقات في التجارب التي أجريت على حلبة برشلونة، وسائقها الألماني سباستيان فيتل (بطل العالم 4 مرات). وأبدى هاميلتون، الذي يلفت الأنظار بأقراطه وأساوره وعشقه عالم المشاهير وأضواء الليل، حماسته لما ستقدّمه الفرق الأخرى وتحديداً فيراري ورد بل، في ضوء تجارب برشلونة، باعتبار أن «صخب الفرق والمتسابقين وقود للمنافسة، لكن المهم أن يتألّق ويخطف الأضواء عند خط النهاية». وفي ملبورن، حيث حقق خلف مقود «دبليو08» أفضل وقت في التجارب الحرة أمس، ظهر هاميلتون أكثر تلقائية وارتياحاً وهدوءاً واختلاطاً، وجزم بأن «السهم الفضي» سيسيطر على مجريات الموسم «كاملة» على غرار عام 2014، غامزاً بالدرجة الأولى من قناة «الحصان الجامح» الذي بدا في برشلونة أفضل تأقلماً من منافسه الألماني مع القوانين الجديدة، لافتاً إلى أن القوانين الجديدة سترفع وتيرة السباق إلى اللقب العالمي.