تواصلت المعارك بين فصائل معارضة وإسلامية من جهة والقوات النظامية السورية من جهة ثانية في الأحياء الشرقيةلدمشق، في وقت حققت فصائل إسلامية وأخرى «معتدلة» تقدماً مفاجئاً ضد القوات النظامية في ريف حماة وسط البلاد، ما استدعى إرسال الطرف الثاني تعزيزات لصد الهجوم. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس إن «المعارك العنيفة تواصلت بين قوات النظام المدعمة بالمسلحين الموالين لها من طرف، وفيلق الرحمن وهيئة تحرير الشام وحركة أحرار الشام الإسلامية من طرف آخر محور معمل الغزل والنسيج شمال حي جوبر عند أطراف العاصمة، وسط تجدد القصف من قوات النظام على مناطق الاشتباك ترافق مع تنفيذ الطائرات الحربية المزيد من الغارات على مناطق في الحي ليرتفع إلى 40 عدد الغارات التي نفذتها الطائرات الحربية منذ صباح اليوم (أمس) على مناطق في الحي، كما سقط المزيد من القذائف الصاروخية على مناطق في العاصمة حيث سقطت قذيفة أخرى في محيط حي الشعلان». وأصدر المجلس الإسلامي السوري بياناً «شدَّد فيه على ضرورة مشاركة كل الفصائل العسكرية بمعركة دمشق، ووجوب فتح جبهات أخرى لإشغال قوات النظام وإرهاقها»، وفق موقع «كلنا شركاء». وأضاف أن المجلس «اعتبر أن المعارك الجارية بدمشق هي مصيرية لكل الفصائل، والمطلوب أن يكون التحرك ضمن قيادة واحدة، وعلى قلب واحد، مع الحذر من أي هجمات مباغتة قد يشنها النظام». وطالب المجلس «الفصائل المتمركزة على جبهات حوران والجولان وجنوبيدمشق بفتح جبهاتها لإشغال قوات النظام وإرهاقها، وتشتيت انتباهها، وعدم إعطائها فرصة لاستجماع قواها». ولفت إلى أن النظام «لا عهد له ولا أمان، وأنه لا يفهم سوى منطق القوة ولغة الإرغام»، مذكراً بما حصل في برزة والقابون من محاولات لاقتحامهما، بالإضافة لعمليات التهجير التي حصلت، وآخرها حي الوعر، ومنطقة وادي بردى. ونقلت «رويترز» عن مصادر من الحكومة السورية والمعارضة قولها إن مقاتلي المعارضة اجتاحوا منطقة خاضعة لسيطرة الحكومة في شمال شرق دمشق الثلثاء للمرة الثانية خلال ثلاثة أيام في أول هجوم من نوعه تشنه المعارضة على نطاق واسع داخل العاصمة منذ عدة سنوات. وبالنسبة للمعارضة، أظهر الهجوم أنها ما زالت قادرة على القيام بعمل هجومي رغم أن وضعها ما زال في غاية الصعوبة قرب دمشق وفي مختلف أرجاء البلاد. ورجحت كفة الرئيس السوري بشار الأسد والجيش السوري والقوات الروسية والإيرانية والفصائل الشيعية المتحالفة معه في القتال في غرب سورية في الأشهر الثمانية عشر الأخيرة توجت بالسيطرة الكاملة على مدينة حلب في كانون الأول(ديسمبر ). وقال شهود إن قوات المعارضة أطلقت عدة صواريخ على المناطق التي تسيطر عليها الحكومة بوسط دمشق وذكرت وسائل الإعلام الرسمية أن الجيش شن عدة غارات جوية وهجمات بالمدفعية على قوات المعارضة. وقال ناطق باسم الجماعة الرئيسية لمقاتلي المعارضة المشاركة في الهجوم لرويترز إن هجوماً جديداً بدأ في الساعة الخامسة صباحاً مستهدفاً منطقة انتزع مقاتلو المعارضة السيطرة عليها من الحكومة يوم الأحد قبل اضطرارهم للانسحاب منها. وذكر مصدر عسكري سوري لرويترز أن مقاتلي المعارضة دخلوا المنطقة وفجروا سيارة ملغومة في بداية الهجوم. وذكر المصدر أن مجموعة من مسلحي المعارضة التي دخلت المنطقة حوصرت «والآن يتم التعامل مع هذه المجموعة». وشنت جماعات المعارضة الهجوم من معقلها في الغوطة الشرقية التي تقع إلى الشرق من العاصمة. وصعدت قوات الحكومة عملياتها ضد الغوطة في الأسابيع القليلة الماضية وتسعى إلى إحكام حصار على المنطقة. ويهدف هجوم المعارضة جزئياً إلى تخفيف هذا الضغط. ويتركز القتال حول منطقة العباسيين في حي جوبر بشمال شرق دمشق والذي يقع على بعد نحو كيلومترين شرقي أسوار البلدة القديمة، على تقاطع طرق رئيسي يؤدي للعاصمة. وقال شاهد في منطقة التجارة السكنية قرب موقع القتال إن عشرات الدبابات نشرت في مشهد غير معتاد لسكان قلب دمشق الذين نجت أحياؤهم من القتال المنتشر على أطراف المدينة. رسالة لروسيا وقال مسؤول معارض آخر سيحضر محادثات جنيف إن الهجوم يظهر أن الدعم العسكري الروسي الواسع له حدود. وقال عصام الريس الناطق باسم «الجيش السوري الحر» في الجبهة الجنوبية وهو تحالف من جماعات معارضة مدعومة من دول غربية وعربية إن هذه رسالة عسكرية وسياسية لروسيا بأن النظام ضعيف ولا يتمتع بالسيطرة الكاملة وغير قادر على أن يميل ميزان القوى بحسم لمصلحته عسكرياً. وقال المصدر العسكري في دمشق: «هم دخلوا ضمن جيب ضيق بنفس منطقة الخرق أول (أمس) والآن يتم التعامل مع هذه المجموعة». وقالت وسائل الإعلام الحكومية إن المعارضين الذين تسللوا إلى المدينة وحي جوبر فروا وألقي القبض على عشرات منهم أو قتلوا ولم تورد مزيداً من التفاصيل. وبث التلفزيون الحكومي ما قال إنها لقطات صورت في شارع فارس الخوري الذي يصل إلى كراج العباسيين وظهر فيها دخان داكن كثيف يتصاعد على مسافة. وتقول الحكومة إن الهجوم يشنه عناصر «جبهة النصرة». وخفف الهجوم الضغوط على المعارضين الذين خسروا أراضي في منطقتي القابون وبرزة المجاورتين، حيث يقول الجيش إن المعارضين حفروا شبكة من الأنفاق تمدهم بالمؤن الأساسية التي ساعدت الغوطة الشرقية على مدى سنوات على تحمل الحصار. وقال قيادي في المعارضة إن الجيش يكثف قصفه على مناطق تقدمت فيها المعارضة في حي جوبر وبلدات في أنحاء الغوطة الشرقية. وقال «أبو عبده» وهو قيادي ميداني من «فيلق الرحمن» إن القصف على جميع الجبهات وإنه لا يوجد مكان لم يتعرض للقصف وتابع أن «النظام حرق» المنطقة بالطائرات والصواريخ. في وسط البلاد، قال مصدر عسكري في دمشق الأربعاء إن الجيش النظامي السوري أرسل تعزيزات لمواجهة هجوم كبير على محافظة حماة مع تصعيد المعارضين لهجومهم على المنطقة المهمة للرئيس بشار الأسد. وبدأ الهجوم الثلثاء وجاء بعد هجومين كبيرين على العاصمة دمشق مقر حكم الأسد في الأيام القليلة الماضية، ما أظهر التهديد المستمر الذي يشكله المعارضون حتى بعد أن رجحت كفة الأسد عسكرياً في الحرب. وتشكل المناطق في محافظة حماة التي استهدفت في أحدث هجوم جزءاً من المنطقة الغربية في سورية التي أحكم فيها الأسد قبضة حكمه، خلال الحرب المستمرة منذ ست سنوات مع مجموعات معارضة تسعى للإطاحة به. وقال المصدر العسكري إن الجماعات المعارضة حشدت أعداداً كبيرة للهجوم الذي يستهدف بلدات منها صوران على مسافة نحو 20 كيلومتراً شمال مدينة حماة وخطاب على مسافة نحو عشرة كيلومترات باتجاه الشمال الغربي. وتابع المصدر العسكري أن المعارك مستمرة في المنطقتين وقال: «الآن يتم إرسال تعزيزات». وتقود الهجوم «جبهة تحرير الشام: هي تحالف من فصائل إسلامية تهيمن عليه جماعة كانت من قبل الفرع الرسمي لتنظيم «للقاعدة» في الحرب الأهلية السورية. ويشارك في الهجوم كذلك قوات تعمل تحت راية «الجيش السوري الحر». وقال أحد قادة قوات «الجيش السوري الحر» في حديث مع تلفزيون «اورينت» المؤيد للمعارضة السورية إن الهجوم الذي بدأ الثلثاء كان معداً له من قبل. وقال القائد الذي عرف في المقابلة بأنه ملازم في «جيش العزة» أمس: «المعركة الحمد لله معد لها منذ وقت طويل ومجهزة لها كافة الإمكانات حتى نخوض معركة طويلة الأمد». وقالت «هيئة تحرير الشام» على موقع للتواصل الاجتماعي إنها نفذت هجومين انتحاريين بسيارتين ملغومتين قرب بلدة صوران في الريف الشمالي لحماة في بداية الهجوم. وأضافت على حساب تستخدمه على تطبيق «تلغرام» امس ان «هيئة تحرير الشام تعلن عن انطلاق معركة (وقل اعملوا) في ريف حماة الشمالي.» وقالت وحدة للإعلام العسكري تابعة ل «حزب الله» المتحالفة مع الحكومة السورية إن الجيش يقاتل قوات المعارضة التي هاجمت مواقعه شمال حماة بعد تفجير قنبلة. وأوضح «المرصد» أن دوي انفجارات كبيرة سُمع في تلك المنطقة وأن «اشتباكات ضارية تدور بين الجيش من جهة وهيئة تحرير الشام وبعض الجماعات الإسلامية من جهة أخرى». وأكد أن المتشددين سيطروا على العديد من المواقع في المنطقة حول صوران وفي قرية معردس إلى الجنوب منها مباشرة. ونقل «كلنا شركاء» عن «كتائب الثوار» تأكيد «سيطرتها على قرية أرزة الموالية للنظام وكذلك قريتي المجدل وخربة الحجامة في ريف حماة الشمالي والشمالي الغربي، قاطعةً بذلك الطريق العام (حماة- محردة) الذي يربط حماة بريفها الغربي». وانضمت هذه القرى إلى المساحات الواسعة التي سيطرت عليها كتائب الثوار خلال أقل من 24 ساعة من انطلاق معركة حماة التي بدأت بالسيطرة على مدينة صوران كبرى مدن الريف الشمالي. وقال مراسلنا في حماة، إن جيش "العزة" أعلن عن «سيطرة الثوار على كلٍّ من أرزة والمجدل وتلة الشيحة وقرية الشير». وكان الثوار في وقت سابق أعلنوا سيطرتهم على قرية خربة الحجامة المتاخمة لبلدة قمحانة الاستراتيجية، التي بدأ أيضاً الهجوم عليها. وأشار الموقع الى «تقدم مهم آخر أحرزه الثوار اليوم (امس) بسيطرتهم على ضهرة بيجو الواقعة جنوب مدينة محردة، وتشرف على مناطق واسعة تمتد بين مدينتي محردة وحماة وصولاً للمناطق الموالية في ريف حماة الغربي».