انقسم سعوديون، على خلفية أنشطة الهيئة العامة للترفيه، بين مؤيّد ورافض للفعاليات التي تقيمها في مناطق عدة، مُحدثة جدلاً واسعاً في المجتمع، إنعكس على مواقع التواصل الإجتماعي، لا سيما فعالية «كوميك كون»، التي أجريت في جدة أخيراً. وعبّر مغرّدون عن استيائهم منها، واصفين ما حصل فيها ب «المنكرات المنافية للشريعة الإسلامية»، مطالبين بعدم تكرارها. وأعربت «الترفيه» عن أسفها لما حدث من مخالفة من الجهة المنظمة للفعالية، وأصدرت بياناً جاء فيه: «على رغم نجاح الفعالية عموماً من ناحية المحتوى والتنظيم من الجهة المنفذة، فإن أنشطة مصاحبة لهذا الحدث أخلّت بأحد بنود التصريح الصادر من الهيئة لها، ورصد موظفو الهيئة العامة للترفيه المخالفة وأوقفوها في وقتها، وأصدروا الجزاءات على الجهة المنفذة، بما يوازي ما تمّ من مخالفات». وأكدت «الترفيه» دورها بصفتها «منظّماً لقطاع الترفيه في المملكة ومطوّراً له، وسعيها إلى الارتقاء بعناصره ومقوماته وإمكاناته»، لافتة إلى أنها تراعي «المحافظة على القيم والأخلاق والتقاليد، وتعتبرها من أولوياتها في مختلف مشاريعها وأنشطتها الترفيهية، التي تقدمّها للوطن والمواطن». ورحبت ب «أي نقد بنّاء أو مقترحات، من طريق حساباتها في قنوات التواصل الاجتماعي، التي منها «روزنامة الترفيه»، إيماناً منها بأن المواطن هو المستفيد الأول من هذه الأنشطة، ويجب أن تواكب تطلعاته وطموحاته، وذلك لتحسين قطاع الترفيه والوصول إلى رضا السعوديين وقبولهم». وحصدت الفعالية ردود أفعال متباينة، كشف فيها مؤيدون أنهم في حاجة إلى «ترفيه يسعد المجتمع ويدعم طاقات الشباب، ويصقل مواهبهم»، معتبرين الأنشطة التي قامت بها الترفيه «شوكة في حلوق المتشددين أعداء الدين، وأعداء الحياة»، كما تحفّظ آخرون. في المقابل، أوضح الكاتب عبدالعزيز السويد في مقالة له في «الحياة» بعنوان: «كيف نجعل الترفيه جذاباً»، أنه «من الخطأ أن تتبنّى الهيئة استيراد ظواهر وثقافات خارجية لتعيد انتاجها في الداخل»، لافتاً إلى أنه قد يعجّل بإعلان فشل الهيئة. وأكد أن «الشهرة الأجنبية في حقول الترفيه لأشخاص أو فرق لا تعني مناسبتها»، لافتاً إلى أن التحدّي في القدرة على الانتقاء. وكتب: «إننا مع الترفيه، ومع أن تجد العائلات من آباء وأمهات وأطفال مساحات وأماكن وفعاليات تضيف لها من ناحية المضامين، ولا يُستغل عطشها لعدم توافر بدائل». وأثير جدل مماثل قبل أكثر من عامين في وجود مخالفات في مهرجان كوميدي بجدة، ووجّه إثره مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل بمنع أحد المتنزهات من تنظيم أية فعاليات في المنطقة، بعد أن رصدت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر «مخالفات وتجاوزات» حصلت في المهرجان. يذكر أن الهيئة العامة للترفيه أنشأت في 7 أيار (مايو) 2016، تماشياً مع إعلان المملكة رؤيتها المستقبلية 2030، التي تمثل لها دوراً مهماً في تنمية الإقتصاد الوطني. وأعلنت الهيئة هويتها مدشّنة حسابها عبر «تويتر» في 3 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وبدأت فعالياتها في العاصمة الرياض، تلتها مدينة جدة، عاقدة العزم على التوسّع في الأنشطة الترفيهية، لتصل إلى المناطق السعودية كلها بنحو 300 فعالية، تشمل مهرجانات وأنشطة ومعارض ومسابقات. مغرّدون يؤيدون "التخبطات" وينتقدونها ظهرت ردود مناهضة لفعاليات الهيئة العامة للترفيه، معتبرة أنها «لا تمت إلى معالم الترفيه البريء الخالي من المحرّمات»، وشكك مغّردون بأن الهيئة أصبحت «تسعى إلى إفراغ جيب المواطن»، مؤكدين أن الوضع لو استمر على ما هو عليه «فلن يكون الترفيه» متاحاً إلا إلى طبقة معروفة في المجتمع. وأشار مغرّدون إلى وجود «ملفات أكثر أهمية»، مثل الإسكان، والبطالة، والتعليم، وتوطين الصناعات، وهي «لا تزال عالقة». وعلق غيرهم متسائلاً: «كيف يحمي جنودنا الأبطال حدودنا ونحن نتراقص طرباً وفساداً»؟ وقال عبدالعزيز التويجري: «الترفيه جزء مهم في حياة الإنسان، وتختلف أشكاله وأنماطه، والأنشطة الترفيهية تكون جماعية أو فردية، ومفيدة أو ضارة في المجتمع، وهي متعددة، فمنها القراءة والموسيقى ومشاهدة الأفلام والعروض المسرحية والمسابقات والصيد ومزاولة الهوايات والرياضات البرية والبحرية والجوية والسفر، وليست كل أنواع الترفيه صحية أو مفيدة أو مقبولة اجتماعياً أو دينياً» مؤكداً وجوب «مراعاة خصوصية بلادنا التي شرفها الله بالحرمين الشريفين وعقيدتها الإسلامية، فيكون الترفيه فيها بعيداً من كل ما يتعارض مع تعاليم الإسلام التي تحض على «التمسّك بالفضائل والابتعاد عن الرذائل، وفي الأمر سعة». أما الداعية عادل الكلباني فأشار إلى أن «تخبطات» هيئة الترفيه تذكّره بقصة الراعي وجرة السمن، وقال: «بئس الترفيه الذي يقوم على هدم القيم»، في حين وجّه خطيب المسجد النبوي وإمامه الدكتور حسن آل الشيخ «الآباء والمواطنين بمقاطعة مثل هذه الفعاليات غير المسؤولة». وقال: «كل إنسان مسؤول عن نفسه ورعيته، وإذا قاطع الناس الفساد انقطع بنفسه»، متسائلاً: «هل انعدم الترفيه البريء الذي يوافق ديننا ومجتمعنا، كي تسعى هيئة الترفيه إلى جلب ما لا يليق»؟ في المقابل، أوضح المستشار الشرعي والاجتماعي الدكتور عبدالعزيز العسكر، «مرحباً بترفيه نابع من قيمنا وثقافتنا ومتوافق معهما، ومرفوض من كل عاقل كل ترفيه مصحوب بما يميّع الأخلاق». ودونّ الدكتور محمد البراك: «يبدو أن الترفيه مسح الهوية واستورد أسوأ ما عند الغرب»