«قاضي الغرام» هو برنامج يقدمه الفنان المصري مصطفى شعبان على قناة «أبو ظبي»، وتنهض فكرته على عرض مشكلة زوجية تعكّر صفو حياة الزوجين، ثم يقوم البرنامج بقول «الكلمة الفصل» لحل المعضلة، فيعيش الزوجان بعد حكم قاضي الغرام في حب ووئام ونسيان الخلاف والخصام! والحكم الحاسم هذا لا يطلقه شعبان بمفرده، بل يستعين، في كل حلقة، بثلاثة ضيوف من المشاهير في عالم الفنون والدراما، يتابعون من الأستوديو فحوى الخلاف الناشب بين الزوجين، وبعد المعاينة يقفون إلى جانب أحد الزوجين، الأمر الذي يشجّع مقدم البرنامج على إطلاق حكمه في هذا الاتجاه أو ذاك. وعلى رغم أن البرنامج مستنسخ من النسخة الأميركية التي حظيت بنجاح واسع، كما تشير بعض التقارير، فإنه في نسخته العربية يعاني عيوباً كثيرة، ولعل أول العيوب يتمثل في أن المشكلات المعروضة هي مشكلات سطحية وبسيطة وتكاد تكون ساذجة (لو كانت ثمة مشكلة حقيقية لما قبل الزوجان الظهور على الشاشة أصلاً، بل لكان المكان الأنسب لهما، عندئذ، قاعات المحاكم، لا الشاشات. أما العيب الثاني فينبع من طريقة البحث عن حل، وهذه تأتي ضمن قالب كوميدي، مملوء بالتهكم والتعليقات الساخرة؛ الصادرة من هذا الضيف أو ذاك ومن مقدم البرنامج نفسه. ولا حاجة بنا إلى القول إن هذه الصيغة الساخرة للتسوية المنشودة، لا تنسجم مع مشكلة من المفروض أن تتمتع طريقة معالجتها بقدر من الجدية والرصانة (فلو تعاطينا مع الحياة الزوجية، على قدسيتها، بهذه الصورة اللاهية، فأي شيء، بعد ذلك، يستحق الجدية؟). تضاف إلى ذلك طبيعة اللوحات المصورة التي تتضمن المشكلة الزوجية المفترضة، فهي تتضمن مشاهد تمثيلية رديئة؛ مفبركة على عجل يقدمها الزوجان اللذان يجهلان مبادئ التمثيل وشروطه، مثلما يخفقان في إعادة إنتاج المشكلة على نحو عفوي تلقائي بحيث يظهران الغضب والانفعال والحنق. هما يعلمان أن الكاميرا تسجل، هذه المرة، شجارهما الزوجي، فلا يكون المشهد، والحال هذه، شجاراً صادقاً، ولا تمثيلاً ناجحاً. وإذ يتباين أداء الضيوف الذين ينتمون إلى مرجعيات ثقافية وجنسيات مختلفة، ويؤمنون بقيم وأعراف تتغير تبعاً لبلدانهم ومحيطهم الاجتماعي وطريقة تفكيرهم، وهم، على كل حال، يتبدلون في كل حلقة، فإن اللافت هو الحضور المحبب لشعبان وتعليقاته الساخرة التي تضفي على الحلقات أجواء مرحة؛ مسلية. لكن هذه المهارة، بحد ذاتها، تتحول عبئاً في برنامج من هذا النوع بدلاً من أن تكون ميزة. ذلك أن برنامجاً يسعى الى كشف معوقات وصعوبات الحياة الزوجية التي تزخر بقصص مؤلمة على أرض الواقع، لا يتطلب مقدماً خفيف الظل بقدر ما يتطلب شخصية تربوية اجتماعية خبيرة بمثل هذه المسائل المعقدة والحساسة. لكن البرنامج لا يأبه بكل ذلك، إذ يختزل الحياة الزوجية، إلى مجرد صورة كاريكاتورية باهتة وهزيلة.