قيل للدَّجال بنيامين نتانياهو: العملية السلمية، فقال: ايران. وقيل له: العملية السلمية، فقال: دولة يهودية، أو قال: الأمن، أو قال: الحدود. وهو اخيراً قال: الحائط الغربي. ما الفرق بين حائط المبكى والحائط الغربي؟ الأول كان طوله 30 متراً، وأصبح بعد الاحتلال 60 متراً، أما الثاني فيكاد يكون بطول القدس، وهم يتحدثون عن 488 متراً، وكنا في البداية نسمع عن حائط المبكى ثم زحف الحائط الغربي على القاموس السياسي الإسرائيلي، رغم عدم وجود آثار يهودية من أي نوع، وانما كلام كاذب عن آثار، ولعله يتمدد غداً ليصل الى النيل والفرات، أو «أرض اسرائيل» التي لم توجد يوماً في تاريخ أو جغرافيا. الجدل الأخير سببه مقال كتبه المتوكل طه، المسؤول في وزارة الإعلام الفلسطينية، ونشر على موقع الوزارة. وقد أشارت اليه جريدة «جيروزاليم بوست»، وجعله نتانياهو قضية، لأنه يقول ان حائط البراق هو الحائط الغربي للمسجد الأقصى الذي يزعم الاحتلال الصهيوني انه حائط المبكى. رئيس وزراء اسرائيل قال ان المقال الطويل مخزٍ وافترائي، وأقول انه المفتري، فهو في الأساس «لاعب ثلاث ورقات» لا يجيد غير الكذب على الله وعباده. الحقيقة الوحيدة في الموضوع كله هو ان اسرائيل بؤرة استيطانية غير شرعية في أرض فلسطين، فاليهود اخترعوا ديناً ليسرقوا بلاداً من أهلها، وحكومة نتانياهو لا تزال تسرق وتحتل وتدمر. كلامي التالي هو للمسلمين قبل اليهود، وهو مكرر في زاويتي هذه، فقد سجلت بعضه من قبل، وعدت اليه مع إثارة الموضوع من جديد، كما أفعل اليوم. دراستي الجامعية في الأساس هي الأدب العربي والتاريخ، لا الصحافة، وعندما كنت أعمل لماجستير في الجامعة الأميركية في بيروت مع الأستاذ احسان عباس (والأستاذ محمد نجم في غيابه) اخترت تاريخ الشرق الأوسط والدين الإسلامي كتخصص ثانوي، ودرست بعد ذلك تاريخ الشرق الأوسط في جامعة جورجتاون، وعدت الى مراجعته لمساعدة ابني في الامتحانات بعد ان اختار اللغات والتاريخ في جامعة أكسفورد. وعملت بعد ذلك 30 سنة في حوار الغرب والإسلام، وعبر المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، وقارنت مادة القرآن الكريم بالتوراة، خصوصاً الكتب الخمسة الأولى التي يسمونها «كتب موسى الخمسة»، وبعدها «يشوع» و«قضاة» و«روث»، حتى «الأنبياء الأقل أهمية» قرب نهاية التوراة. أزعم ان معرفتي بالموضوع جيدة وتعطيني حق الكلام عنه كطالب تاريخ لا كمعلق صحافي، فأقول ان درس التاريخ، لا الدين، يقول انه كانت هناك تجمعات يهودية أو قبائل في أكثر بلدان الشرق الأوسط، من اليمن الى شرق جزيرة العرب الى الشمال وبلدان الهلال الخصيب، إلا انه لم توجد اطلاقاً أي ممالك يهودية في فلسطين أو غيرها. نحن أمام خرافات دينية كتبت بعد 500 سنة الى ألف سنة من الزمن المزعوم لحدوثها (الوحي في القرآن الكريم سجل ساعة نزوله، ومعظم العهد الجديد من التوراة، أو الدين المسيحي، كتبه تلاميذ المسيح خلال ثلاثة أو أربعة عقود من رسالة معلمهم). قناعتي الشخصية هي ان الأنبياء القدماء الوارد ذكرهم في القرآن الكريم هم غير أنبياء اليهود، وأتمنى لو ان منظمة اسلامية قادرة، مثل المؤتمر الإسلامي، تكلف أساتذة تاريخ مسلمين درسوا في الغرب أن يكتبوا دراسة شاملة عن الموضوع لحسم الجدل. وعندي مثل واضح: لا يوجد أي أثر في مصر أو سيناء على الإطلاق لوجود يهود فيهما، في أي مرحلة من التاريخ، مع ان الآثار القديمة الأخرى في مصر محفوظة كلها، وتعود الى ما قبل التاريخ اليهودي المزعوم وبعده. واليوم هناك كتب تاريخ كتبها يهود، بعضهم اسرائيلي، تقول ان اليهود الغربيين أصولهم من الخزر الذين نزحوا الى أوروبا الشرقية ثم الوسطى من القوقاز، وانتهوا اشكناز فلسطين. وأنا أدعو الدكتور زاهي حواس، وهو عالم آثار مصري وعالمي، ان يحسم لنا الموضوع، ويقول صراحة هل وجد أي أثر لشعب يهودي في مصر العليا أو الدلتا أو الساحل أو سيناء، اسم موسى ورد في القرآن الكريم 136 مرة، حسب احصائي الشخصي، في 33 سورة، غير ان التفاصيل تختلف عنها في التوراة، ولا بد ان العلماء قادرون على شرح الموضوع بشكل أفضل مما أستطيع أنا. هذا مهم لفصل الأنبياء الواردة أسماؤهم في القرآن الكريم عن أنبياء اليهود، والإسرائيلي روفن باركو في جريدة «اسرائيل هايوم» (25/11/2010) لم يجد دليلاً على اليهود وانبيائهم سوى الاستشهاد بالقرآن الكريم ونبي الله والسيرة النبوية. وأقول ان السبب هو انه ليس في التاريخ والجغرافيا ما يثبت دينهم، فهم اخترعوا ديناً ليسرقوا بلاداً من أهلها. [email protected]