نظمت الجمعية العلمية السعودية للدراسات الفكرية المعاصرة في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة القصيم أمس، حلقة نقاش علمية بعنوان «نقد التراث في الفكر العربي المعاصر»، شارك فيها الدكتور سليمان الربعي والدكتور خالد السيف، فيما أدارها الدكتور خالد بن عبدالعزيز أبا الخيل. وأبرز أبا الخيل، في مستهل المحاضرة، إسهامات الجمعية في الدراسات الفكرية المعاصرة. وبيّن أن لديها مشروعاً طموحاً يهدف إلى تعزيز القيم والمفاهيم الفكرية الصحيحة، ونشر ثقافة الاعتدال والوسطية، من خلال الورش وحلقات النقاش والندوات والمحاضرات العلمية، مشيراً إلى أن «نقد التراث في الفكر العربي المعاصر» موضوع متشعب، «ويحتاج إلى حلقات متواصلة، لكن يكفي من الحلقة أن تستفز المعنيين بالفكر إلى أهمية الموضوع وحيويته». فيما تحدث الربعي عن تعريف مصطلح نقد التراث في الفكر العربي المعاصر ومستويات استعماله، مبيناً أن ثمة إشكالات كثيرة «تتجاذبه بكونه مصطلحاً مركباً ومعقداً ومثقلاً بالدلالات، بما يوجب تفكيكه، إذ يستعمله بعض المفكرين بمعنى الاجتهاد البشري»، موضحاً أن هذا مفهوم صحيح، «في حين يطلقه بعضهم على القرآن والسنة، وبهذا يكون مرفوضاً لأنه ليس تراثاً وإنما وحي مقدس يتساوى في الإيمان به وتعظيمه الخلف مع السلف». وتطرق السيف إلى مناهج المفكرين في نقد التراث، مستعرضاً بعض القراءات الفكرية المعاصرة لدى بعض المفكرين كمشروع حسين مروة وطيب تيزيني ومحمد عابد الجابري وحسن حنفي، ثم تناول مشروع القراءة السياسية للتراث عند بعض المفكرين، وذكر بعض الأمثلة والشواهد على هذا. ثم عاد الحديث إلى الربعي ليستعرض الجذور التاريخية للمصطلح، لافتاً إلى «أن المشاريع التي توجهت إلى نقد النص ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل العشرين»، مبيناً الاختلاف المنهجي والمعرفي والمقاصدي في اتجاهاتها، «إذ بدأت بنقد النص من داخله وبأدوات تراثية، مروراً بمشاريع القطعية الأبستمولوجية بين النص وأدوات نقده، وانتهاء بمشاريع الهدم الأنسنية والتاريخانية التي شهدها العقد الأخير من القرن ذاته». واختتم حديثه عن حالات الالتباس المنهجي، التي يمر بها بعض المفكرين إلى درجة تبادل الاتهامات الفكرية بينهم. وكذلك تحدث السيف عن مشروعية نقد التراث بين الموضوعية وعدمها، فتناول الموقف الصحيح من هذه القراءات، وأن الموضوعية «تقتضي تناولها بمنهجية علمية فاحصة وعادلة، وأن مهمة المتخصصين بالغة الأهمية في هذه المرحلة، لكثرة الأطروحات المتنوعة الغالية في نقد تراثنا الإسلامي». واختتمت حلقة النقاش بكلمة رئيس مجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية للدراسات الفكرية المعاصرة الدكتور محمد الخضيري.