تتم الدعوة إلى ندوات تلفزيونية عبر المراكز الثقافية المنتشرة في المدن السورية بكثرة. ولا تبخل هذه المراكز باستضافة رموز ونجوم الدراما السورية احتفاء وتكريماً، وهذا عموماً من الأمور الحسنة التي تساهم في شكل أو في آخر بإغناء النقاش من حول هذه الدراما. ولا يفاجأ المهتم بالطبع، إذا ما تخلف نجم أو نجمة عن بعض هذه الندوات، بحكم الارتباط المهني والانشغالات التي قد تمنعه أو تمنعها من تلبية الطلبات المتزايدة في هذه المراكز بعد أن احتلت الدراما التلفزيونية الواجهة الثقافية في معظم بلدان العالم العربي. لئن كانت هذه الندوات من ملحقات الأعمال الدرامية ذاتها ومصوباً لها في أحايين كثيرة، فإن بعضها يجيء «ناقصاً» لجهة الإعداد والتهيئة لها، كأن يقوم مركز ثقافي بالدعوة إلى ندوة حول نقل الرواية الى الشاشة التلفزيونية ويقدم «نهاية رجل شجاع» و «ذاكرة الجسد» كنموذجين لافتين في هذا الصدد. العنوان مهم ويستحق المتابعة، فعلى غرار الأخت الكبرى (السينما) التي استفادت من عيون الأدب عبر تاريخها، يلجأ التلفزيون عندنا أحياناً الى نقل بعض الروايات العربية التي اشتهرت بين القراء، وأصبحت من الممتع مشاهدتها على الشاشة التلفزيونية التي تحتمل في بعض وجوهها أن تكون مغامرة مميزة، لأن رواية ما يمكن قراءتها في ساعتين، ستشاهد في عمل يمتد على ثلاثين حلقة، وقد يستغرق زمنها الفعلي أكثر من عشرين ساعة. الموضوع يظل لافتاً، وينحو باتجاه الجرأة أيضاً أياً كان هذا العمل التلفزيوني الذي يتصدى لعمل أدبي يمتد على ثلاثمئة صفحة أو أكثر. وهنا يكمن سر هذه السطور، اذ لا نعرف بعد ذلك مدى رضا الكاتب نفسه عن السيناريو المكتوب من قبل أن يصور ومن بعد أن يصور. ولطالما كنا شهوداً على نزاعات نشبت إثر «تحويل» هذه الرواية أو تلك الى عمل قد يحاكيها في ساعتين، فما بال المرء وهو يشاهد عملاً يمتد على عشرين ساعة. بالتأكيد سيظل هذا مثار خلاف ونقاش قد يتعزز مستقبلاً وقد لا يفقد طزاجته، طالما أن التلفزيون يتقدم على الجبهة الروائية بجرأة وحسم نادرين، بسبب المردود المالي الناتج عنه وجعل منه الراصد البصري الأول للأعمال الأدبية بعد أن ترددت السينما العربية في العقود الأخيرة في مواصلة نزالها مع الأدب اقتباساً وأفلمة، مع ما يعنيه ذلك من تأكيد حق المخرج بأن تكون قراءته العمل مختلفة، وبما يمكن معادلته بصرياً في الفيلم السينمائي. أما في الحالة التلفزيونية فإنه يكون مقبولاً أن توجه الدعوة للمخرج وكاتب السيناريو وصاحب النص الأصلي لنعرف وجهة نظره بالعمل التلفزيوني المقتبس عن روايته، لا أن توجه الدعوة فقط للمخرج والسيناريست ليقولا كلمتهما في نقل الرواية إلى الشاشة. هذه دعوة ناقصة طالما أن الروائي لا يكون حاضراً بينهما ليقول رأيه أيضاً.